وإن في الضعف سراً يطلب القوي دائماً ، وفي القوة سر يطلب الضعيف دائماً ، فكل منهما يطلب الآخر.
وإن الطفل الرضيع في ضعفه يطلب حنان الاُم ، كما أن حنان الاُم يطلب ضعف الطفل ورقته.
وليس سلاح امضى لدى القوي من البكاء والرجاء الذي هو وسيلة الضعيف وسلاحه. يقول أمير المؤمنين علي عليهالسلام في هذا الدعاء :
« يا من اسمه دواء ، وذكره شفاء ... ارحم من رأس ماله الرجاء ، وسلاحه البكاء ».
إن رجاء الفقير للغني رأس ماله ، وإن بكاء الضعيف لدى القوي سلاحه ، ومن لا يفهم سنن الله تعالىٰ في الكون في علاقة الضعيف بالقوي والقوي بالضعيف ، لا يفهم هذه الفقرات المؤثرة من كلام الامام عليهالسلام في دعاء كميل.
يقول الامام علي بن أبي طالب عليهالسلام في مناجاة له اخرىٰ :
« انت القوي وانا الضعيف وهل يرحم الضعيف إلّا القوي ».
والامام عليهالسلام في هذا الدعاء يتوسل الىٰ الله تعالىٰ بضعف العبد ، وقلة حيلته ، وسرعة نفاد صبره وتحمله ، ورقة جلده ، ودقة عظمه.
يقول عليهالسلام :
« يا رب ارحم ضعف بدني ، ورقة جلدي ، ودقة عظمي ».
وإننا لتوشكنا الشوكة
، وتمسّنا الجمرة ، ويلم بنا المرض إلمامة خفيفة في الدنيا فتسلبنا النوم والراحة والقرار والاستقرار ، وهو بلاء قصير مدته ، خفيف وزنه ، جعله الله تعالىٰ لامتحان عبادة واختبارهم وابتلائهم رحمة بهم ، فكيف بنا
إذا سِقنا الىٰ العذاب الاليم وقيل لملائكة العذاب : ( خُذُوهُ فَغُلُّوهُ * ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ *