الدعاء.
روي عن سيف التمار أنه قال سمعت ابا عبدالله الصادق عليهالسلام يقول : « عليكم بالدعاء ، فانكم لا تتقربون بمثله » (١).
وكلما تكون حاجة الانسان إلیٰ الله اعظم ، وفقره إليه تعالیٰ اشد ، واضطراره إليه أكثر يكون اقباله في الدعاء علیٰ الله اكثر.
والنسبة بين فقر الانسان إلیٰ الله واضطراره إليه تعالیٰ ، وبين اقبال الانسان عليه سبحانه في الدعاء نسبة طردية. فإن الحاجة والاضطرار يلجئان الانسان إلیٰ الله ، وبقدر ما يشعر بهذه الحاجة يكون اقباله علیٰ الله ، كما ان العكس أيضاً كذلك.
يقول تعالیٰ : ( كَلَّا إِنَّ الْإِنسَانَ لَيَطْغَىٰ * أَن رَّآهُ اسْتَغْنَىٰ ) (٢).
إن الانسان ليطغیٰ ويعرض عن الله بقدر ما يتراءیٰ له أنه قد استغنیٰ ، ويقبل علیٰ الله بقدر ما يعي من فقره وحاجته إلیٰ الله. وتعبير القران دقيق ( أَن رَّآهُ اسْتَغْنَىٰ ). فلا غنىٰ للانسان عن الله ، بل الانسان فقر كله إلیٰ الله : ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّـهِ وَاللَّـهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ ) ولكنه يتراءیٰ له أنه قد استغنیٰ ، وغرور الانسان هو الذي يخيل إليه ذلك.
فإذا تراءیٰ له أنه قد استغنیٰ عن الله اعرض ونأیٰ بجانبه وطغیٰ.
فإذا مسه الضر ، وأحس بالاضطرار إلی الله عاد واقبل عليه.
اذن الدعاء في حقيقته اقبال علیٰ الله.
ومن يدع الله تعالیٰ ، ويتضرع إليه فلابدّ ان يقبل عليه تعالیٰ.
وهذا الاقبال هو حقيقة الدعاء وجوهره وقيمته.
__________________
(١) بحار الانوار ٩٣ : ٢٩٣.
(٢) العلق : ٦ ـ ٧.