( وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّـهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ ) (١).
فقد جعل الله تعالىٰ للناس إليه سُبلاً كثيرة يسلكونها إليه وقد اشتهر علىٰ لسان العلماء : « أن الطرق إلىٰ الله بعدد أنفاس الخلائق ». وكل هذه الطرق والسبل تجري علىٰ صراط الله المستقيم ، ولكن جعل الله تعالىٰ لكل إنسان طريقاً يعرف به ربه ، ويسلكه إليه.
فمن الناس من يسلك إليه سبيل العلم والعقل ، ومنهم من يسلك إليه سبيل القلب والفؤاد ، ومن الناس من يعرف الله بالتجارة والتعامل مع الله ، وأنه من أفضل السبل أن يتعرف الانسان علىٰ الله من خلال التعامل المباشر مع الله والأخذ والعطاء. قال تعالىٰ : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَىٰ تِجَارَةٍ تُنجِيكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ ) (٢) ، وقال سبحانه : ( وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّـهِ وَاللَّـهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ ) (٣).
ويطلب زين العابدين عليهالسلام هنا من الله تعالىٰ أن يسلك به سبل الوصول إليه ، لا سبيلاً واحداً ، فكلما سلك الإنسان إلىٰ الله تعالىٰ مسالك وسبلاً أكثر كان وصوله إلىٰ جوار الله وقربه أوكد وأقوىٰ وابلغ.
ثم يسأل الله تعالىٰ بعد ذلك أن يلحقه بأهل البدار من عباده الصالحين الذين يسارعون إلىٰ الله ويطوون ليلهم ونهارهم علىٰ طاعة الله وعبادته.
والطريق إلىٰ الله صعب عسير ، وعن هذا الطريق يعبّر القرآن بـ « ذات الشوكة ». وكثيرون أولئك الذين بدأوا السير علىٰ هذا الطريق بعزم وصدق ، ثم تساقطوا أثناء الطريق.
__________________
(١) العنكبوت : ٦٩.
(٢) الصف : ١٠.
(٣) البقرة : ٢٠٧.