ونقتصر علىٰ الإشارة السريعة إلىٰ بعض الصور والأفكار للحب الإلهي التي تزخر بها هذه المناجاة.
في البدء يطلب زين العابدين عليهالسلام من الله أن يأخذ بيده ويسلك به سبل الوصول إليه وهو خلاصة ما في هذا الدعاء ، وأجلّ ما فيه من المطالب. فلا يطلب الإمام في هذا الدعاء من الله تعالىٰ دنيا ولا آخرة ، وإنه لطلب مشروع يحبه الله ، ولكنه يطلب القرب ، والوصول والجوار ، في مقعد صدق عنده مع الانبياء والشهداء والصدّيقين. يقول عليهالسلام : « إلهي فاسلك بنا سبل الوصول إليك ». ولا يقول الإمام (سبيل الوصول إليك) بصيغة المفرد ، وإنّما يقول : « سبل الوصول » بصيغة الجمع ، ذلك لأن « الصراط » إلىٰ الله تعالىٰ واحد لا يتعدد ، ولم يذكر القرآن لله تعالىٰ إلّا صراطاً واحداً ، يقول تعالىٰ : ( اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ ) (١) ويقول : ( وَاللَّـهُ يَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ) (٢). ويقول : ( وَيَهْدِيهِمْ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ) (٣). ويقول : ( وَاجْتَبَيْنَاهُمْ وَهَدَيْنَاهُمْ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ) (٤).
أما (السبيل) فقد ورد بصيغة الجمع في الحق والباطل في القرآن كثيراً.
يقول تعالىٰ : ( يَهْدِي بِهِ اللَّـهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ ) (٥). ويقول : ( وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ) (٦).
( وَمَا لَنَا أَلَّا نَتَوَكَّلَ عَلَى اللَّـهِ وَقَدْ هَدَانَا سُبُلَنَا ) (٧).
__________________
(١) الفاتحة : ٦ ـ ٧.
(٢) البقرة : ٢١٣.
(٣) المائدة : ١٦.
(٤) الانعام : ٨٧.
(٥) المائدة : ١٦.
(٦) الانعام : ١٥٣.
(٧) ابراهيم : ١٢.