والمكر والكيد ، والشطر الآخر للّهو وللّعب. فإذا أقلقه الشطر الأول وسلب راحته واستقراره لجأ إلىٰ الشطر الثاني ، واستعان باللهو لكي ينقذ نفسه من عذاب الشطر الأول.
وأما صدور أولياء الله ، فهي حدائق الشوق ـ كما يقول زين العابدين ـ ذات بهجة وثمار طيّبة ، وقد ترسَّخت فيها أشجار الشوق وامتدت فيها جذورها ، فليس الشوق إلىٰ الله فيها أمراً طارئاً يزول إذا ألحّ عليه الهوىٰ أو أقبلت وتزيّنت له الدنيا ، ولا يخفّ هذا الشوق ولا تذبل أوراقه إذا ضاقت بصاحبه الدنيا ، وتراكمت عليه الابتلاءات ، فإن أشجار الشوق إذا كانت راسخة في هذه الصدور تبقیٰ مورقة وخضراء ومثمرة رغم كل العقبات والمتاعب.
وحالة الشوق حالة خفّة الروح ، وهي حالة معاكسة للتثاقل والركون إلىٰ الدنيا التي تتحدث عنها الآية الكريمة : ( مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّـهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ أَرَضِيتُم بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ ) (١) ، إن النفس تثقل ، وتترهّل ، كلما تعلّق الانسان بالدنيا ورضيها ، وركن إليها. فإذا تحرّر من الدنيا ، وانتزع نفسه (٢) منها خف ، فجذبه حبُّ الله تعالىٰ والشوق إليه.
ولنقف عند هذا الحد من استعراض صور الحبّ والشوق والاُنس من نصوص أدعية أهل البيت عليهمالسلام وننصرف إلىٰ غير ذلك من مباحث « الحب الإلهي ».
__________________
(١) التوبة : ٣٨.
(٢) ليس معنىٰ التحرر من الدنيا تركها ، فقد كان رسول الله متحرراً من الدنيا ، وهو يعمل لتمكين الدعوة من الدنيا وإخضاع الدنيا لها.