٣ ـ ويتحبّب إليهم :
والله تعالىٰ يتحبّب إلىٰ عباده ، فيغدق عليهم النعم ليحبّوه ، وإن النعم في القلوب الواعية والمدركة تحبّب الله تعالىٰ إلىٰ الذين ينعم عليهم.
في دعاء علي بن الحسين زين العابدين عليهالسلام في الاسحار : « تتحبّب إلينا بالنعم ، ونعارضك بالذنوب ، خيرك إلينا نازل ، وشرّنا إليك صاعد ، ولم يزل ولا يزال ملك كريم يأتيك عنا في كل يوم بعمل قبيح ، فلا يمنعك ما يأتي منّا من ذلك أن تحوطنا برحمتك ، وتتفضّل علينا بآلائك ، فسبحانك ما أحلمك وأعظمك وأكرمك مُبدئاً ومُعيداً » (١).
والمقارنة بين ما هو النازل من لدن الله إلىٰ العبد من نعمٍ وفضلٍ وإحسانٍ وجميلٍ وعفوٍ وسترٍ ، وبين ما هو الصاعد من قبل العبد إلىٰ الله من قبيحٍ وشرٍ يُشعر العبد بالخجل من مولاه ، فهو يقابل هذا الحبّ والتحبّب من جانب الله تعالىٰ بالإعراض والتبغّض إليه.
وما أكثر بؤس الانسان وشقاءه إذا كان يقابل حبّ الله تعالىٰ له وتحبّبه إليه بالإعراض والتبغض.
تأمّلوا في هذه الكلمات من دعاء الافتتاح للامام الحجة عليهالسلام : « إنّك تدعوني فاُولّي عنك ، وتتحبّب إليّ فأتبغّض إليك ، وتتودّد إليّ فلا أقبل منك ، كأنّ لي التطوّل عليك ، فلم يمنعك ذلك من الرحمة بي ، والاحسان إليّ والتفضّل عليّ » (٢).
« خيرك إلينا نازل ، وشرّنا إليك صاعد » (٣).
__________________
(١) بحار الأنوار ٩٨ : ٨٥.
(٢) مفاتيح الجنان : دعاء الافتتاح.
(٣) بحار الأنوار ١٨ : ٨٥.