بالارض ، وحشود الملائكة يشهدون هذا المشهد الفريد ، ويضجون الىٰ الله تعالىٰ ويتضرعون ، فيحدث ما ليس بالبال ولا بالخيال ، وتتفجر الارض تحت اقدام الرضيع ماءً بارداً زلالاً شفافاً هنيئاً.
وسبحان الله والحمد لله ، لقد استجاب الله لسعيها ودعائها ، ولكن لا حيث سعت وإنّما تحت اقدام الرضيع الذي كان يضرب بيديه ورجليه ظمأً يومذاك ، ليعلمها الله أنه تعالىٰ هو وحده الذي رزقها هذا البارد العذب في هذه الرمضاء وذلك الهجير ، وليست هي التي حققت ذلك بسعيها وحركتها ، وإن كان لابد لها أن تسعىٰ وتتحرك ليرزقها الله تعالىٰ زمزم.
ففجر الله (زمزم) تحت اقدام الرضيع ، واقام الله تعالىٰ في ذلك الوادي بيته المحرم ، وبارك في زمزم وجعل منها سقاية الحاج مدىٰ الاجيال ، وثبّت الله هذا السعي والدعاء في ذاكرة التاريخ ، وجعل منه شعيرة من شعائر الحج ، يحذو فيها حشود الحجاج كل عام حذوها ، ويحيّون فيها من بُعد امهم هاجر وأبويهم ابراهيم واسماعيل.
لقد اجتمع في هذا الوادي يومذاك ثلاثة اسباب من اسباب نزول رحمة الله تعالىٰ : الفقر ، والسعي ، والدعاء ؛ فقر في اقصىٰ درجات الضعف والفاقة ، وسعي في قوة وحزم وعزم ، ودعاء في تضرع وانقطاع واضطرار.
وفي الحج نحيي نحن كل عام هذا المشهد لنتعلم من اُمّنا ام اسماعيل عليهماالسلام كيف نطلب رحمة الله تعالیٰ ، وكيف نستنزل فضله ورحمته ، وكيف نغرف من رحمته ونتعرض لها.