تستطيعه امرأة في ذلك الوادي ، وفي ذلك الهجير ، في اشواط سبعة من الصفا الى المروة ومن المروة الىٰ الصفا.
واننا اليوم في شعائر حجنا ، نسعىٰ في هذه الاشواط بين هذين الجبلين ، من غير معاناة ولا عذاب ، ولا هم ، ولا قلق فنكدح ونتعب ويرهقنا هذا السعي.
وقد قامت امنا هاجر بهذا السعي كله في ذلك الوادي القفر وفي رمضاء ذلك الهجير ، وهي ظمأىٰ قد استنفد العطش كل حولها وقوتها ، ورضيعها الصغير يكاد يلفظ آخر انفاسه ، ولكنها مع ذلك قامت بهذا السعي الىٰ الماء بقوة وهمّة وعزم وارادة.
ومع ذلك لم يقطعها هذا السعي ولو لحظةً واحدة عن الانقطاع الىٰ الله ، ولم يحجبها ولو لحظةً واحدة عن الله. لقد كانت في هذا السعي المرير كله علىٰ اتصال بالله وانقطاع الىٰ الله ، لا يشغلها هذا عن ذاك ولا يحجبها ذلك عن هذا ، فقرنت السعي الىٰ الدنيا بالانقطاع الىٰ الله ، وقرنت الانقطاع الىٰ الله بالسعي الىٰ الدنيا ، ومن منا يقدر علىٰ ذلك ؟
والملائكة يومئذ ينظرون اليها ويتعجبون منها ، كيف استطاعت أن تنقطع الىٰ الله هذا الانقطاع ؟ وكيف تمكنت أن تسعىٰ الىٰ الماء وهي مثقلة بالمتاعب والمحن هذا السعي ؟ وكيف استطاعت أن تجمع بين السعي والانقطاع الىٰ الله بمثل هذا الجمع ؟
فيضجون الىٰ الله تعالىٰ أن يستجيب لدعائها وسعيها ، وأن يستنزل سعيها ودعاؤها رحمة الله تعالىٰ ، وتستقرب رحمة الله حتىٰ تكاد أن تنطبق السماء علىٰ الارض.
لقد صعد يومئذ عمود
من الدعاء والعمل الصالح من الارض الىٰ السماء ، ونزل عمود من الرحمة من السماء الىٰ الارض ، واتصلت الارض بالسماء والسماء