يكون غني النفس ، وكذلك إسلام النفس لا يكون إلا للأولياء خاصة ، وقد يكون المؤمن سليم القلب ولا يكون سليم النفس.
أخبرنا أبو نعيم الحافظ قال : سمعت أبا الحسين بن حبيش يقول : سئل أبو العبّاس ابن عطاء ، ما العبودية؟ قال : ترك الاختيار ، وملازمة الافتقار.
وأخبرنا أبو نعيم حدّثنا ابن حبيش قال : قال أبو العبّاس بن عطاء : إياك أن تلاحظ مخلوقا وأنت تجد إلى ملاحظة الحق سبيلا.
حدّثنا عبد العزيز بن علي قال : سمعت علي بن عبد الله الهمذاني يقول : حدّثنا الحسن بن عبد الله بن إبراهيم قال : سئل أبو محمّد الجريري عن الفقر والغنى أيهما أفضل؟ فقال : لو لم يكن من فضل الفقر إلا ثلاث : إسقاط المطالبة ، وقطع عن المعصية ، وتقديم الدخول إلى الجنة. [لكفى] (١) فنقل هذا الكلام إلى أبي العبّاس ابن عطاء فقال : يا سبحان الله! وأي فضل يكون أفضل مما أضافه الله إلى نفسه؟ وأي شيء يكون أعجز من شيء تنافى الله عنه ، لأن الله أضاف الغنى إلى نفسه وتنافى عن الفقر ، واعتد على نبيه صلىاللهعليهوسلم فقال : (وَوَجَدَكَ عائِلاً فَأَغْنى) [الضحى ٨] ولم يقل فأفقر ، فكان اعتداد الله بالعطاء لا بالفقر ، ثم ذكر عند موضع تشريف أسماء العطاء : (إِنْ تَرَكَ خَيْراً) [البقرة ١٨٠] ولم يقل إن ترك فقرا. ثم قال بعد ذلك : فإن احتج محتج بأنه عرض عليه صلىاللهعليهوسلم مفاتيح الدنيا فلم يقبلها ولم يردها ، وتركها اختيارا ، فهذا صفة التاركين والتارك لا يكون إلا غنيّا.
أخبرنا أبو نعيم الحافظ قال : سمعت أبي يقول : سمعت أبا العبّاس بن عطاء يقول : إذا كانت نفسك غير ناظرة لقلبك فأدبها بمجالسة الحكماء ، ومن أراد أن يستضيء بنور الحكمة فليلاق بها أهل الفهم والعقل.
أخبرنا أبو علي بن فضالة ، أخبرنا محمّد بن عبد الله بن شاذان الرّازيّ قال : سمعت أبا العبّاس بن عطاء ينشد في مجلسه :
الطّرق شتّى وطرق الحقّ مفردة |
|
والسّالكون طريق الحقّ أفراد |
لا يطلبون ولا تطلب مساعيهم |
|
فهم على مهل يمشون قصّاد |
والنّاس في غفلة عمّا له قصدوا |
|
فكلّهم عن طريق الحقّ رقّاد |
__________________
(١) ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.