تزيد على ثلاثمائة سنة ، ضبط الاحاديث وتدوينها في مجالس الأئمة عليهمالسلام وغيرها ، وكانت همة علمائنا مصروفة في تلك المدة الطويلة في تأليف ما يحتاج إليه من أحكام الدين لتعمل به الشيعة ، وقد بذلوا أعمارهم في تصحيحها وضبطها ، وعرضها ، على أهل العصمة ، واستمر ذلك الى زمان الأئمة الثلاثة اصحاب الكتب الاربعة ، وبقيت تلك المؤلفات بعدهم أيضا مدة وأنهم نقلوا كتبهم من تلك الكتب المعلومة المجمع على ثبوتها ... الخ» (١) وبهذا الوجه وامثاله ذهب الى حجية الاخبار كلها.
ويرد عليه ـ مضافا الى أن ما ذكره مجرد استحسانات ـ : أن الأصل المقرّر هو عدم حجية خبر الواحد ما لم تثبت بدليل ، ولا شك أن الاخبار الموجودة تشتمل على المراسيل والضّعاف ، فكيف يقال بحجيتها مطلقا ، على أنّا لو راجعنا كلمات العلماء الذين أشار إليهم لرأينا تصريحاتهم باعتبار خبر الثقة ، فدعوى صاحب الوسائل قدسسره بلا دليل.
الوجه الثاني : ما نسب الى السيد المرتضى (٢) ، وابن ادريس (٣) ، قدسسرهما ، من عدم حجية أخبار الآحاد مطلقا ، وانحصارها بالمتواترة والمحفوفة بالقرائن.
ولنا كلام حول هذه النسبة ليس هنا موضوعه ، والمهم في المقام تقييم هذه الدعوى فإنها كسابقتها من كونها دعوى بلا دليل ، بل قام الدليل على خلافها ، ولولا حجية خبر الثقة لما ثبت الا القليل من الأحكام ، ولزم الخروج عن الدين.
وعلى فرض التنزّل تصل النوبة إلى العمل بالظن المطلق الانسدادي ، وهو
__________________
(١) الوسائل الجزء ٢٠ ، الفائدة التاسعة ، الطبعة الثالثة ص ٩٦.
(٢) الذريعة الى اصول الشريعة ج ٢ ص ٥٢٨.
(٣) كتاب السرائر الطبعة القديمة ص ٥.