المبحث الثامن
رواية الأجلّاء
وادّعي انّه إذا روى الثقاة الأجلّاء عن شخص ، أو كثرت روايتهم عنه ، فهذا دليل على وثاقته ، وبالغ بعضهم : بأنّ رواية الثقة عن شخص تكفي للحكم بوثاقته ، إلّا أنّ المشهور هو الأوّل.
وذهب آخرون إلى أنّ رواية الأجلّاء لا دلالة فيها على التوثيق.
وقد استدلّ للقول الأوّل : بالسيرة الجارية بين المحدّثين ، والعلماء ، فإنّه لو لم يكن المروي عنه ثقة ، لما روى عنه المحدّثون والعلماء ، ولطرحوا روايته ، فالرواية عن شخص أو الاكثار من الرواية عنه ، والعمل على روايته من هؤلاء الأجلّاء دليل على الوثاقة ، وقد كان دأب القمّيّين وغيرهم على هذا.
ويؤيّده : ما ذكره الكشّي في ترجمة محمد بن سنان ، قال بعد ذكر روايات المدح والقدح فيه : روى عنه الفضل بن شاذان ، وأبوه ، ويونس ، ومحمد بن عيسى العبيدي ، ومحمد بن الحسين بن أبي الخطّاب ، والحسن والحسين ، ابنا سعيد الأهوازيان ، وابنا دندان ، وأيّوب بن نوح ، وغيرهم من العدول والثقاة من أهل العلم ، وكان محمد بن سنان مكفوف البصر أعمى فيما بلغني (١).
ففيه أشعار بأن رواية هؤلاء الثقاة عن محمد بن سنان قرينة على وثاقته.
وعليه فرواية الأجلّاء عن شخص موجبة للتوثيق.
وقد اعتمد بعض المتأخّرين على هذا الدليل ، وحكم بوثاقة من روى عنه الأجلّاء
__________________
(١) رجال الكشي ج ٢ ص ٧٩٦ مؤسسة آل البيت (ع).