والظاهر أنّ هذا لا يصلح أن يكون دليلا بنفسه ، وذلك لأنّا إذا علمنا عن أحد من هؤلاء الأجلّاء لا يروي إلّا عن ثقة ، فرواية الواحد كافية في التوثيق كما هو الحال في المشايخ الثلاثة والنجاشي كما مرّ ، ومع عدم العلم أو العلم بالعدم ـ وإن كان الأوّل كاف في المقام ـ لا تثبت وثاقة المروي عنه ، وهو وإن كان فيه إشعار بالمدح ، الا أنه لا يكفي للحكم بالوثاقة ، وذلك لأنّ رواية الأجلّاء عن شخص قد تكون من جهات متعدّدة ، كأن يكون له أصل مشهور ، فهم يروون عن أصله أو أنّ لهم طرقا اخرى وهم يروون عنها ، أو أنّ روايتهم عنه ليست للعمل بل لمجرّد الرواية ، وبناء على ذلك فلا دليل على أنّ رواية الأجلّاء عن شخص تقتضي توثيقه.
وممّا يؤيّد هذا ما ورد في صالح بن الحكم النيلي فقد ضعّفه النجاشي (١) ، ومع ذلك روى عنه جمع من الأجلّاء كعبد الله بن بكير وجميل بن درّاج ، وحمّاد ، وابن سنان ، وصفوان ، وجعفر بن بشير ، هذا بالنسبة إلى نفس الدليل.
وأمّا بالنسبة إلى التأييد بكلام الكشّي فجوابه انّ الكشّي وإن استدلّ بكلامه في محمد بن سنان ، إلّا أنّه من المحتمل أن يكون نظر الكشّي الخدشة في الروايتين السابقتين في كلامه ، وذلك : انّه بعد ما ذكر الروايات المادحة لمحمد بن سنان ، ثم عقّبها بالروايات الذامّة ، قال : إنّ الفضل بن شاذان قال : لا أستحلّ أن أروي أحاديث محمد بن سنان ، وفي رواية اخرى : لا احلّ أو لا أحبّ لكم أن ترووا أحاديث محمد بن سنان عنّي ما دمت حيّا ، وذكر في بعض كتبه أنّه كان من الكذّابين المشهورين (٢) ، وبعد هذا كلّه قال الكشّي : روى عنه الفضل
__________________
(١) رجال النجاشي ج ١ ص ٤٤٤ الطبعة الاولى المحققة.
(٢) رجال الكشي ج ٢ ص ٧٩٦ مؤسسة آل البيت (ع).