وليس المراد ما تقدم ذكره في القرائن على اعتبار الروايات (١) ، من أصالة الاباحة ، أو الحظر ، أو الوقف ، لاقتضاء المقام ذلك.
والموافقة بالمعنى المراد هنا لا توجب اعتبار الرواية ، لأن مطابقة الرواية لما دلت عليه العقول وإن صححت مضمونها ، إلا أن ذلك لا يدلّ على صدورها عن المعصوم ، إذ أننا في صدد إثبات صدور الرواية عن المعصوم ، وليس كل ما هو صحيح في نفسه صادر عن المعصوم ، فان بينهما عموم وخصوص مطلق والموافقة هنا أعم من المدعى.
أما بالنسبة إلى الشهرة فهي على أنحاء ثلاثة :
١ ـ عملية. ٢ ـ فتوائية. ٣ ـ روائية.
أمّا الاولى فهي موجبة لجبر ضعف الرواية ، كما تقدم الحديث عن ذلك مفصلا (٢).
وأما الثانية فمحل الكلام عنها علم الاصول والفقه (٣).
وأما الثالثة فهي المرادة هنا ، فإن كانت الرواية مطابقة للشهرة بهذا المعنى واوجبت الاطمئنان ، فالرواية معتبرة ، وإلا فلا.
نعم في مقام التعارض يمكن اعتبار الشهرة الروائية ، بمعنى أن احد المتعارضين إذا كان مطابقا للشهرة دون الآخر قدم المشهور ، وأما في غير باب التعارض فلا تكون الشهرة موجبة لاعتبار الرواية أو مرجحة لها.
واحتمال الشمول لغير باب التعارض بمقتضى إطلاق قوله عليهالسلام : «خذ بما اشتهر بين أصحابك ، أو المجمع عليهم» (٤) موهون ، فالقدر المتيقن هو خصوص باب التعارض ، مضافا إلى أن روايات الكتاب ليست واردة في مقام
__________________
(١) ص ٣٧ من هذا الكتاب.
(٢) ص من هذا الكتاب.
(٣) فرائد الاصول (الرسائل) الطبعة القديمة ص ٦٥ وغيره من الكتب الاصولية.
(٤) جامع احاديث الشيعة ج ١ الطبعة العلية ص ٢٥٥ ج ٤٢٨ ، ٤٢٩.