وأمّا البزنطي ، فلم يرو عن أحد ممّن ادّعى الاتّفاق على تضعيفه.
والحاصل انّ هؤلاء المشايخ إنّما رووا عن أشخاص لم يقع الاتّفاق على تضعيفهم ، وإنّما هم مورد الاختلاف ، وقد احتملنا انّهم ثقاة في نظر هؤلاء المشايخ ، أو أنّهم ثقاة في زمان الرواية عنهم ، ثم تبدّل حالهم ، وقد بيّنّا ذلك بما لا مزيد عليه ، وبناء على ذلك فلا يمكن أن نرفع اليد عن الشهادة لمجرّد التشكيك مع ظهور وجه الصحّة فيها.
وأمّا الاشكال الآخر وهو أنّه إذا كانوا في نظر هؤلاء الثلاثة ثقاة فكيف عمل الأصحاب بمراسيلهم؟ ولو صرّح بالاسم لاحتمل الخدشة في حقّه ، فالجواب : ان هذه شبهة مصداقية ، ولا يمكن التمسّك بالعامّ فيها ، وقد أجبنا عن ذلك فيما تقدّم بأنّ هذا داخل في الشهادة على التعديل ، والقول بعدم الحجّيّة لاحتمال كون المزكّي مجروحا احتمال بدوي لا يعتنى به ، وليس موردا للعلم الاجمالي ، فيكفي للأخذ بروايته قوله : حدّثني عدل ، ومقامنا من هذا القبيل فهؤلاء الثلاثة لمّا كانوا لا يروون ولا يرسلون إلّا عن ثقة ، فيمكن الأخذ برواياتهم ، وأمّا احتمال الضعف في المرويّ عنه ، فهو احتمال بدوي كما قلنا ، مضافا إلى قلّة روايتهم عمّن رموا بالضعف.
وخلاصة المقام أنّ هؤلاء المشايخ الثلاثة لهم روايات مسندة ، وأخرى مرسلة ، فما كان منها مسندا أخذ به ، استنادا إلى الشهادة ، إلّا ما ورد في حقّ رواتها تضعيف ، وحينئذ يقع الترديد بين كون الوثاقة في نظر الثلاثة ، وبين كونها محرزة في زمان الرواية عنهم ، وعليه فلا بدّ من الأخذ بالقدر المتيقّن ، ويراعى الزمان الذي رووا عنهم فيه ، ومع بقاء التردّد لا بدّ من ملاحظة المرجّحات لدخول المسألة في باب التعارض.
وأمّا التعدّي من هذه الموارد إلى غيرها فممكن بناء على القول بأصالة