كما تقدّم في الطاطري.
وقد ناقش في الدلالة غير واحد ، ومنهم السيّد الأستاذ قدسسره ، فقد استشكل في دلالة العبارة على المدّعى بأمرين :
الأوّل : عدم دلالة الجملة على الحصر ، فقوله : (روى عن الثقاة) ، لا يدلّ على انّه لم يرو عن غيرهم ، وغاية ما تدلّ عليه كثرة روايته عنهم ، وممّا يؤكّد هذا تعقيب الكلام بقوله : «ورووا عنه» بمعنى انّ كلّ من روى عنه فهو ثقة ، وهذا لا يمكن الالتزام به ، والسبب أنّ الضعفاء كثيرا ما يروون عن الأجلاء والثقاة ، بل عن المعصومين (ع) فكيف بجعفر بن بشير؟ فبقرينة قوله : «ورووا عنه» يستفاد كثرة روايته عن الثقاة ، ورواية الثقاة عنه.
الثاني : ثبوت رواية جعفر بن بشير عن الضعفاء ، فقد روى عن صالح بن الحكم ، وهو ممّن ضعّفه النجاشي (١) ، وكذلك وقع في طريق عبد الله بن محمد الجعفي ، وهو ممّن ضعّفه النجاشي أيضا (٢) وغيره ، وروى أيضا عن ابن أبي حمزة وعن أبي جميلة ، ويكفي في عدم الأخذ بالشهادة روايته عن شخص واحد ضعيف ، فكيف بأكثر من واحد ولا سيما إذا كان المضعف لبعض من روى عنهم هو النجاشي؟ وبناء عليه فلا يمكن التعويل على هذه الشهادة (٣).
أقول : كلا الاشكالين واردان.
أمّا الأوّل ، فلعدم دلالة العبارة على الحصر ، كما ذكر السيّد قدسسره ، مضافا إلى انّه في مقام المدح وهو يتحقّق بكثرة رواياته عن الثقاة ، وروايتهم عنه في مقابل من تكثر روايتهم عن الضعفاء ، وتكثر رواية الضعفاء عنه ، فكما أنّ الثاني
__________________
(١) رجال النجاشي ج ١ ص ٤٤٤ الطبعة الاولى المحققة.
(٢) ن. ص ج ١ ص ٣١٥.
(٣) معجم رجال الحديث ج ١ ص ٦٨ الطبعة الخامسة.