فيمكن أن يكون مراد الكليني أن المرجح الاول غير موجود في كتابه ، وأما المرجحان الآخران فيمكن وجودهما ، وهما غير منافيين لقطعية صدور رواياته عنهم عليهمالسلام ، فذكر هذه المرجحات فى آخر كلامه ليس دليلا على أن ما رواه في الكتاب غير قطعي الصدور.
وإن قلنا بالثاني كما هو الظاهر من كلامه ، حيث قال بالآثار الصحيحة ، فذكره للمرجحات لا ينافي حجية الروايات واعتبارها ، لأن الكلام حول المرجحات بعد فرض اثبات حجيتها ، والا لم يقع التعارض بينها ، فلا تصل النوبة إلى المرجحات.
وأما الشاهد الثالث : هو قول الصدوق في جواب من سأله أن يؤلف له كتابا سمّاه من لا يحضره الفقيه ، فلو كان الصدوق يعتقد بصحة جميع روايات الكافي لأرشد السائل إليه ، مضافا إلى انه ذكر رواية في كتابه وقال : ما رأيتها إلا في الكافي اشعارا بعدم صحتها (١).
فالجواب : ان السائل سأل الصدوق كتابا خاليا من الروايات المتعارضة ، والكافي ليس كذلك ، ولذا لم يذكر الصدوق في كتابه الروايات المتعارضة ، مضافا إلى أن الكافي مشتمل على روايات الاصول دون من لا يحضره الفقيه. فتصنيف الصدوق لكتابه لا دلالة فيه على عدم صحة الكافي عنده.
وأما بالنسبة إلى المورد المشار إليه فجوابه : أن الصدوق قال : ما وجدت هذا الحديث إلا في كتاب محمد بن يعقوب ، ولا رويته إلا من طريقه ، وانما ذكر ذلك مراعاة لأمانة النقل ، لانه صرح في أول كتابه بأن له طرقا متعددة إلى رواياته ، وحيث أن هذه الرواية ليس لها الا طريق واحد ، نبّه على ذلك ، فكلامه
__________________
(١) معجم رجال الحديث الطبعة الخامسة ص ٢٦.