البعد الزّمني عن عهد النص ، فلم يكن ثمّت ما يدعو للبحث عن أحوال الرّجال ومعرفة الحدود والضوابط التي نتمكن من خلالها ، الإعتماد على نقل الراوي وعدمه ، كما هي الحال في زمان الغيبة ، ولا يعني هذا نفي الحاجة مطلقا يوم ذاك ، وإنما كان الإحتياج إليه في دائرة ضيّقة محدودة ، وذلك لإمكان لقاء المعصوم عليهالسلام ، أو نائبه الخاص ، واستقاء الحكم من منبعه.
وكلّما تمادى الزّمان بعدا ازداد الأمر تعقيدا وصعوبة ، فإن كثرة وسائط النقل ، تستدعي جهودا مضاعفة في البحث والتحقيق وإن أهمّ ما يجعل الحاجة الى هذا العلم تبلغ حدّ الضرورة ، ما منيت به هذه الشريعة المقدسة. من محاولات التشويه المختلفة ، من الدس ، والتحريف ، والإفتراء.
ولقد كان من أعلام النبوة والإمامة ، الإخبار بأن هذا أمر وقع وسيقع لا محالة ، ومن ذلك :
قوله صلىاللهعليهوآله : «... قد كثرت عليّ الكذابة ، فمن كذب علي متعمدا فليتبوء مقعده من النار ...» (١).
وقول أبي عبد الله عليهالسلام : «إنا أهل بيت صدّيقون (صادقون) ، لا نخلو من كذّاب يكذب علينا ، ويسقط صدقنا بكذبه علينا عند الناس ...» (٢).
وقوله عليهالسلام : «... إن الناس أولعوا بالكذب علينا إنّ (كأنّ) الله لا يريد منهم غيره ...» (٣).
وقوله عليهالسلام : «كان المغيرة بن سعيد ، يتعمد الكذب على أبي ، ويأخذ كتب أصحابه ، وكان أصحابه المستترون أصحاب أبي يأخذون الكتب من
__________________
(١) أصول الكافي ج ١ باب اختلاف الحديث ح ١ ص ٦٢ ، دار الكتب الاسلامية ـ طهران.
(٢) رجال الكشي ج ١ ص ٣٢٤ الحديث ١٧٤ مؤسسة آل البيت (ع).
(٣) ن. ص الحديث ٢١٦ ص ٣٤٧.