أخبرنا الجوهريّ والتنوخي قالا : حدّثنا محمّد بن العبّاس الخزّاز ، حدّثنا محمّد بن خلف بن المرزبان قال : حدثني أبو العبّاس محمّد بن إسحاق ، حدّثنا ابن عائشة قال : سمعت أبي يقول : قيل لعبد الملك بن مروان ـ وهو يحارب مصعبا : إن مصعبا قد شرب الشراب. فقال عبد الملك : مصعب يشرب الشراب؟ والله لو علم مصعب أن الماء ينقص من مروءته ما روى منه.
أخبرنا علي بن أبي علي ، حدّثنا محمّد بن عبد الرّحمن المخلص وأحمد بن عبد الله الدّوريّ قالا : حدّثنا أحمد بن سليمان الطّوسيّ ، حدّثنا الزّبير بن بكّار ، حدثني محمّد بن الحسن عن زافر بن قتيبة عن الكلبيّ قال : قال عبد الملك بن مروان يوما لجلسائه : من أشجع العرب؟ فقالوا : شبيب ، قطري ، فلان ، فلان. فقال عبد الملك : إن أشجع العرب لرجل جمع بين سكينة بنت حسين ، وعائشة بنت طلحة ، وأمة الحميد بنت عبد الله بن عامر بن كريز ، وأمه رباب بنت أنيف الكلبيّ سيد ضاحية العرب ، وولى العراقين خمس سنين فأصاب ألف ألف ، وألف ألف ، وألف ألف ، وأعطى الأمان فأبى ، ومشى بسيفه حتى مات. ذلك مصعب بن زبير ، لا من قطع الجسور مرة هاهنا ومرة هاهنا.
أخبرنا أبو يعلى أحمد بن عبد الواحد الوكيل ، أخبرنا إسماعيل بن سعيد المعدل ، حدّثنا الحسين بن القاسم الكوكبي ، حدّثنا محمّد بن موسى المارستاني ، حدّثنا الزّبير ابن أبي بكر ، حدثني فليح بن إسماعيل وجعفر بن أبي كثير عن أبيه قال : لما وضع رأس مصعب بن الزّبير بين يدي عبد الملك بن مروان قال :
لقد أردى الفوارس يوم عبس |
|
غلاما غير مناع المتاع |
ولا فرح بخير إن أتاه |
|
ولا هلع من الحدثان لاع |
ولا وقافة والخيل تعدو |
|
ولا خال كأنبوب اليراع |
فقال الذي جاءه برأسه : والله يا أمير المؤمنين لو رأيته والرمح في يده تارة ، والسّيف تارة ، يضرب بهذا ، ويطعن بهذا ، لرأيت رجلا يملأ القلب والعين شجاعة وإقداما ، ولكنه لما تفرقت رجاله وكثر من قصده ، وبقي وحده ما زال ينشد :
وإني على المكروه عند حضوره |
|
أكذب نفسي والجفون له تنضي |
وما ذاك من ذل ، ولكن حفيظة |
|
أذب بها عند المكارم عن عرضي |
وإني لأهل الشر بالشر مرصد |
|
وإني لذي سلم أذل من الأرض |