ومن جعل التعريض محصول مزحه |
|
فذاك على المقت المصرح يحصل |
ومن أمن الآفات عجبا برأيه |
|
أحاطت به الآفات من حيث يجهل |
أعلمكم ما علمتني تجاربي |
|
وقد قال قبلي قائل متمثل |
إذا قلت قولا كنت رهن جوابه |
|
فحاذر جواب السوء إن كنت تعقل |
إذا شئت أن تحيا سعيدا مسلّما |
|
فدبر وميز ما تقول وتفعل |
حدّثنا أبو منصور محمّد بن محمّد بن أحمد بن الحسين بن عبد العزيز العكبريّ ـ لفظا ـ قال : أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن محمّد المالكي النّضري ـ بعكبرا ـ أخبرنا أبو محمّد عبد الله بن محمّد الأكفاني البصريّ قال : خرجت مع عمي أبي عبد الله الأكفاني الشّاعر وأبي الحسين بن لنكك ، وأبي عبد الله المفجع ، وأبي الحسن السياك في بطالة عيد ، وأنا يومئذ صبي أصحبهم ، فمشوا حتى انتهوا إلى نصر بن أحمد الخبزأرزي وهو جالس يخبز على طابقه ، فجلست الجماعة عنده يهنون بالعيد ويتعرفون خبره ، وهو يوقد السعف تحت الطابق ، فزاد في الوقود فدخنهم فنهضت الجماعة عند تزايد الدخان. فقال نصر بن أحمد لأبي الحسين بن لنكك : متى أراك يا أبا الحسين؟ فقال له أبو الحسين ، إذا اتسخت ثيابي ، وكانت ثيابه يومئذ جددا على أنقى ما يكون من البياض للتجمل بها في العيد ، فمشينا في سكة بني سمرة حتى انتهينا إلى دار أبي أحمد بن المثنّى ، فجلس أبو الحسين بن لنكك وقال : يا أصحابنا إن نصرا لا يخلي هذا المجلس الذي مضي لنا معه من شيء يقوله فيه ، ونحب أن نبدأه قبل أن يبدأ بنا ، واستدعى دواة وكتب :
لنصر في فؤادي فرط حب |
|
أنيف به على كل الصحاب |
أتيناه فبخرنا بخورا |
|
من السعف المدخن للثياب |
فقمت مبادرا وظننت نصرا |
|
أراد بذاك طردي أو ذهابي |
فقال متى أراك أبا حسين |
|
فقلت له إذا اتسخت ثيابي |
فأنفذ الأبيات إلى نصر ، فأملى جوابها فقرأناه ، فإذا هو قد أجاب :
منحت أبا الحسين صميم ودي |
|
فداعبني بألفاظ عذاب |
أتى وثيابه كقتير شيب |
|
فعدن له كريعان الشباب |
ظننت جلوسه عندي كعرس |
|
فجئت له بتمسيك الثياب |
فقلت متى أراك أبا حسين |
|
فجاوبني إذا اتسخت ثيابي |
فإن كان التعزز فيه فخر |
|
فلم يكنى الوصي أبا تراب |