اكتم على ما رأيت ، وركع ركعتي الفجر وجلس حتى أقمت الصّلاة وصلى معنا الغداة على وضوء أول الليل.
أخبرنا الخلّال ، أخبرنا الحريري أن النخعي حدثهم قال : حدّثنا بختري بن محمّد ، حدّثنا محمّد بن سماعة عن محمّد بن الحسن قال : حدثني القاسم بن معين : أن أبا حنيفة قام ليلة بهذه الآية : (بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهى وَأَمَرُّ) [القمر ٤٦] يرددها ويبكي ويتضرع.
وقال النخعي : حدّثنا سليمان بن الرّبيع ، حدّثنا حبّان بن موسى قال : سمعت عبد الله بن المبارك يقول : قدمت الكوفة فسألت عن أورع أهلها فقالوا أبو حنيفة.
وقال سليمان : سمعت مكي بن إبراهيم يقول : جالست الكوفيّين فما رأيت أورع من أبي حنيفة.
وقال النخعي : حدّثنا الحسين بن الحكم الحبري ، حدّثنا علي بن حفص البزّاز قال : كان حفص بن عبد الرّحمن شريك أبي حنيفة ، وكان أبو حنيفة يجهز عليه ، فبعث إليه في رفقة بمتاع وأعلمه أن في ثوب كذا وكذا عيبا فإذا بعته فبين ، فباع حفص المتاع ونسى أن يبين ولم يعلم ممن باعه ، فلما علم أبو حنيفة تصدق بثمن المتاع كله.
أخبرني أبو بشر الوكيل وأبو الفتح الضّبّيّ قالا : حدّثنا عمر بن أحمد ، حدّثنا مكرم بن أحمد ، حدّثنا أحمد بن المغلس الحمني قال : حدّثنا مليح بن وكيع ، حدّثنا أبي قال : كان أبو حنيفة قد جعل على نفسه ألا يحلف بالله في عرض كلامه إلا تصدق بدرهم ، فحلف فتصدق به ، ثم جعل على نفسه إن حلف أن يتصدق بدينار ، فكان إذا حلف صادقا في عرض الكلام تصدق بدينار ، وكان إذا أنفق على عياله نفقة تصدق بمثلها ، وكان إذا اكتسى ثوبا جديدا كسى بقدر ثمنه الشيوخ العلماء ، وكان إذا وضع بين يديه الطعام أخذ منه فوضعه على الخبز حتى يأخذ منه بقدر ضعف ما كان يأكل ، فيضعه على الخبز ثم يعطيه إنسانا فقيرا ، فان كان في الدار من عياله إنسان يحتاج إليه دفعه إليه وإلا أعطاه مسكينا.
أخبرنا التنوخي ، حدثني أبي ، حدّثنا محمّد بن حمدان ، حدّثنا أحمد بن الصّلت الحماني قال : سمعت مليح بن وكيع يقول : سمعت أبي يقول : كان والله أبو حنيفة عظيم الأمانة ، وكان الله في قلبه جليلا كبيرا عظيما ، وكان يؤثر رضاء ربه على كل