تحته ، فرفع الرجل المصلى فكان تحته ألف درهم ، فقال له : خذ هذه الدراهم فغير بها من حالك ، فقال الرجل : إني موسر وأنا في نعمة ولست أحتاج إليها ، فقال له : أما بلغك الحديث : «إن الله يحب أن يرى أثر نعمته على عبده» (٢٠)؟ فينبغي لك أن تغير حالك حتى لا يغتم بك صديقك.
وقال النخعي : حدّثنا محمّد بن علي بن عفّان ، حدّثنا إسماعيل بن يوسف السنبري(٢١) قال : سمعت أبا يوسف يقول : كان أبو حنيفة لا يكاد يسأل حاجة إلا قضاها ، فجاءه رجل فقال له إن لفلان عليّ خمسمائة درهم وأنا مضيق ، فسله يصبر عني ويؤخرني بها. فكلم أبو حنيفة صاحب المال ، فقال صاحب المال : هي له قد أبرأته منها ، فقال الذي عليه الحق : لا حاجة لي فيها ، فقال أبو حنيفة : ليس الحاجة لك ، وإنما الحاجة لي قضيت.
وقال النخعي : حدّثنا عبد الله بن أحمد بن البهلول الكوفيّ ، حدّثنا القاسم بن محمّد البجلي عن إسماعيل بن حمّاد بن أبي حنيفة أن أبا حنيفة حين حذق حمّاد ابنه ، وهب للمعلم خمسمائة درهم.
وقال النخعي : حدّثنا محمّد بن إسحاق البكائي قال : سمعت جعفر بن عون العمري يقول : أتت امرأة أبا حنيفة تطلب منه ثوب خز ، فأخرج لها ثوبا فقالت له : إني امرأة ضعيفة وأنها أمانة ، فبعني هذا الثوب بما يقوم عليك ، فقال خذيه بأربعة دراهم ، فقالت : لا تسخر بي وأنا عجوز كبيرة. فقال : إني اشتريت ثوبين فبعت أحدهما برأس المال إلا أربعة دراهم ، فبقى هذا الثوب علىّ بأربعة دراهم.
أجاز لي محمّد بن أسد الكاتب أن جعفر الخلدي حدثهم ثم أخبرني الأزهري ـ قراءة ـ حدّثنا الحسن بن عثمان ، حدّثنا جعفر الخلدي ، حدّثنا أحمد بن محمّد الطّوسيّ ، حدثني أبو سيعد الكندي عبد الله بن سعيد ، حدّثنا شيخ سماه أبو سعيد الكندي قال : كان بأو حنيفة يبيع الخز ، فجاءه رجل فقال : يا أبا حنيفة قد احتجت إلى ثوب خز. فقال : ما لونه؟ فقال : كذا وكذا فقال له : اصبر حتى يقع وآخذه لك إن شاء الله. قال : فما دارت الجمعة حتى وقع ، فمر به الرجل فقال له أبو حنيفة قد
__________________
(٢٠) انظر الحديث في : سنن الترمذي ٢٨١٩. ومسند أحمد ٢ / ٢١٣. والمستدرك ٤ / ١٣٥. وفتح الباري ١٠ / ٢٦٠.
(٢١) هكذا في الصيمصاطية ، وفي الكوبريلي : «الشنبذي».