أخبرنا الجوهريّ ، أخبرنا محمّد بن عمران المرزباني ، حدّثنا أحمد بن محمّد بن عيسى المكي ، حدّثنا محمّد بن القاسم بن خلّاد. قال : قال محمّد بن موسى : شهدت منصور بن عمار القاص وقد كلمه قوم فقالوا هذا رجل غريب يريد الخروج إلى عياله ، فقال لابنه أحمد بن منصور ، يا أحمد امض معهم إلى أبي العوّام البزّاز ، فقال له أعطه ثيابا بألف درهم ، بل بأكثر من ذلك ، حتى إذا باعها صح له ألف درهم.
أخبرنا علي بن الحسين ـ صاحب العبّاسي ـ أخبرنا إسماعيل بن سعيد بن سويد المعدل ، حدّثنا أبو علي الحسين بن القاسم الكوكبي ، حدّثنا جرير بن أحمد بن أبي دؤاد أبو مالك قال : حدثني سلموية بن عاصم ـ قاضي هجر وقد قضى بالجزيرة والشام ـ قال : كتب بشر بن غياث المريسي ـ ويكنى أبا عبد الرّحمن ـ إلى منصور بن عمار : بلغني اجتماع الناس عليك ، وما حكى من العلم ، فأخبرني عن القرآن خالق أو مخلوق فكتب إليه منصور : بسم الله الرّحمن الرحيم ، عافانا الله وإياك من كل فتنة ، فإنه إن يفعل فأعظم بها نعمة ، وإن لم يفعل فتلك أسباب الهلكة ، وليس لأحد على الله بعد المرسلين حجة ، نحن نرى أن الكلام في القرآن بدعة اشترك فيها السائل والمجيب ، فتعاطي السائل ما ليس له ، وتكلف المجيب ما ليس عليه ، وما أعلم خالقا إلا الله ، وما دون الله مخلوق. والقرآن كلام الله ، ولو كان القرآن خالقا لم يكن للذين وعوه إلى الله شافعا ، ولا بالذين ضيعوه ماحلا ، فانته بنفسك وبالمختلفين في القرآن إلى أسمائه التي سماه الله بها تكن من المهتدين : (وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمائِهِ سَيُجْزَوْنَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ) [الأعراف ١٨٠] ولا تسم القرآن باسم من عندك فتكون من الضالين ؛ جعلنا الله وإياك من (الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ وَهُمْ مِنَ السَّاعَةِ مُشْفِقُونَ) [الأنبياء ٤٩]. وكتب بشر أيضا إلى منصور يسأله عن قول الله تعالى : (الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى) [طه ٥] كيف استوى؟ فكتب إليه منصور : استواؤه غير محدود ، والجواب فيه تكلف ، ومسألتك عن ذلك بدعة ، والإيمان بجملة ذلك واجب ، قال الله تعالى : (فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ ما تَشابَهَ مِنْهُ ابْتِغاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغاءَ تَأْوِيلِهِ ، وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللهُ) [آل عمران ٧] وحده. ثم استأنف الكلام فقال : (وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنا وَما يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُوا الْأَلْبابِ) [آل عمران ٧] فنسبهم إلى الرسوخ في العلم بأن قالوا لما تشابه منه عليهم : (آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنا) [آل عمران ٧] فهؤلاء هم الذين أغناهم الرسوخ في