العلم عن الاقتحام على السدد المضروبة دون الغيوب ، بما جهلوا تفسيره من الغيب المحجوب. فمدح اعترافهم بالعجز عن تأول ما لم يحيطوا به علما ، وسمى تركهم التعمق فيما لم يكلفهم رسوخا في العلم. فانته رحمك الله من العلم إلى حيث انتهى بك إليه ، ولا تجاوز ذلك إلى ما حظر عنك علمه فتكون من المتكلفين وتهلك مع الهالكين ، والسلام عليك.
أخبرنا الجوهريّ ، أخبرنا محمّد بن العبّاس ، حدّثنا أبو بكر محمّد بن خلف بن المرزبان قال : أنشدت لأبي العتاهية في منصور بن عمار :
إن يوم الحساب يوم عسير |
|
ليس للظالمين فيه مجير |
فاتخذ عدة المطلع القبر |
|
وهول الصراط يا منصور |
أخبرني الأزهري ، حدّثنا إسماعيل بن سويد ، حدّثنا الحسين بن القاسم الكوكبي ، حدثني علي بن سليم قال : سمعت ابن وشاح المتكلم يقول : قال منصور بن عمار ـ في ـ مجلس له وقد فرغ من كلامه ـ لي : إليكم حاجة ، أريد حبة لم يزنها المطففون ، ولم تخرج من أكياس المرابين. ولم تجر عليها أحكام الظالمين ، قالوا ما عندنا هذه.
أخبرنا محمّد بن أحمد بن رزق ، أخبرنا عثمان بن أحمد الدّقّاق ، حدّثنا محمّد ابن أحمد بن عمرو بن البراء ، حدّثنا أحمد بن عمرو الضّرير قال : قال منصور بن عمار.
وأخبرني محمّد بن الحسين بن إبراهيم الخفّاف قال : حدّثنا روّاد وكرموت ابنا جراح بن صفوة بن صالح قالا : حدّثنا حفص بن عمر بن الخليل الحافظ قال : حدثني أبو حاتم محمّد بن إدريس الحنظلي ـ بالري ـ قال : سمعت إبراهيم بن منصور بن عمار قال : سمعت أبي يقول : قال لي رجل بالشام : يا أبا السّريّ ، عندنا رجل من العباد من أهل واسط العراق ، رجل لا يأكل إلا من كد يديه ، وقد دبرت من سف الخوص والاعتمال صفحة يديه ، ولو رأيته لوقذك النظر إليه فهل لك أن تمضي بنا إليه؟ قال : قلت : نعم! فأتيناه فدققنا عليه بابه فخرج إلى الباب ، فسمعته يقول : اللهم إني أعوذ بك ممن جاء ليشغلني عما أتلذذ به من مناجاتك ، ثم فتح الباب فدخلنا ، وإذا رجل يرى به الآخرة ، وإذا قبر محفور ، ووصية قد كتبها في الحائط ، وكساؤه قد أعدت لكفنه ، فقلت : أي موقف لهذا الخلق؟ قال : بين يدي من؟ قال فصاح وخر بوجهه ثم أفاق من غشيته ، فقال له صاحبي : يا أبا عباد هذا أبو السّريّ منصور بن