فقال عليهالسلام : «عرفت فالزم» (١). فهذا آخر درجات الإيمان ، وأوّل درجات الإحسان (٢).
ثم إنّ العبد يرقى ويزداد من النوافل بعد إحكام الفرائض وإتقانها وجمع الهمّ على الله وإحضار قلبه فيما يرتكبه لله ، مع مشاهدة التقصير بالنسبة إلى ما يجب وينبغي ، ثم الإكثار (٣) من النوافل ما كان أحبّ إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله ، لكونه كان أحبّ إلى الله ، فيدأب عليه ويلازمه ؛ لحبّ الله فيه ورسوله ، ولأنّه أشدّ جلاء للقلب الذي عليه مدار كلّ ما ذكرنا. ومنتهى جميع ذلك ما أخبر الحقّ به على لسان رسوله بقوله : «ولا يزال العبد يتقرّب إليّ بالنوافل حتى أحبّه فإذا أحببته كنت سمعه وبصره» الحديث. وهذا مقام الولاية ، وبعده خصوصيات الولاية التي لا نهاية لها ؛ إذ لا نهاية للأكمليّة ، بل بين مرتبة «كنت سمعه وبصره» (٤) ومرتبة الكمال المختصّ بصاحب أحديّة الجمع ـ المذكور غير مرّة والمنبّه عليه أيضا منذ قريب ـ مراتب ، فما ظنّك بدرجات الأكمليّة التي هي وراء الكمال ، فمن جملة ما بين مرتبة «كنت سمعه وبصره» وبين مرتبة الكمال. مرتبة النبوّة ، ثم مرتبة الرسالة ، ثم مرتبة الخلافة المقيّدة بالنسبة إلى أمّة خاصّة ، ثم الرسالة العامّة ، ثم الخلافة (٥) العامّة ، ثم الكمال في الجمع ، ثم الكمال المتضمّن للاستخلاف والتوكيل الأتمّ من الخليفة الكامل لربّه (٦) سبحانه في كلّ ما كان الحقّ سبحانه قد استخلفه فيه ، مع زيادة ما يختصّ بذات العبد وأحواله ؛ فكلّ نبيّ وليّ ولا ينعكس ، وكلّ رسول نبي ولا ينعكس ، وكلّ من قرن برسالته السيف فخليفة ، وليس كلّ من يرسل هذا شأنه ، وكلّ من عمّت رسالته ، عمّت خلافته [إذا منحها بعد الرسالة ، وكلّ من تحقّق بالكمال ، علا على جميع المقامات والأحوال والسلام] (٧) وما بعد استخلاف الحقّ والاستهلاك فيه عينا والبقاء حكما مع الجمع بين صفتي التمحّض والتشكيك مرمى لرام.
ومن أراد أن يتفهّم شيئا من أحوال الكامل وسيرته وعلاماته ، فليطالع كتاب مفاتح غيب الجمع وتفصيله الذي ضمّنته التنبيه على هذا وغيره ، وقد فرّقت في هذا الكتاب
__________________
(١) جامع المسانيد ، ج ٦ ، ص ٣٣.
(٢) ق : الإحسان الأوّل.
(٣) ق : الاختيار.
(٤) ق : وبين.
(٥) ق : ثم الخلافة العامة ، لا توجد.
(٦) ق : بربه.
(٧) ما بين المعقوفين غير موجود في ق.