وبقوله : «إنّ الله مسح على ظهر آدم فأخرج ذريّته كأمثال الذرّ». (١) الحديث ، وبما أخبرنا أنّ تعيّن صور الأشياء في اللوح المحفوظ بالكتابة الإلهيّة القلميّة سابق على التعيّنات الروحانيّة والجسمانيّة ـ معرض للآفات التي أجملنا ذكرها ممّا لا تستقلّ (٢) العقول بإدراكه.
فأين من يكون أحديّ السير من حين صدوره من غيب الحقّ إلى عرصة الوجود العيني (٣) ، لم يتعوّق من حيث حقيقته وروحانيّته في عالم من العوالم ، ولا حضرة من الحضرات متذكّرا حين كشف الغطاء عنه هنا ما مرّ عليه ، يسأل عن ميثاق «ألست» فيقول : كأنّه الآن في أذني وغيره يخبر بما هو أكثر من ذلك ، ممّن يتعوّق ويتكرّر ولوجه وخروجه المقتضيان كثافة حجبه وكثرتها ، وتقلّبه في المحن والآفات ، نعوذ بالله منها.
ثم نقول : وأمّا الآفات والمحن التي الإنسان معرض لها من حين الولادة ، بل من حيث الاستقرار في الرحم إلى حين تحقّقه بمعرفة ربّه وشهوده وتيقّنه بالفوز بتحصيل أسباب الرشد والسعادة بل إلى حين تحقّق حسن الخاتمة بالبشرى الإلهيّة ، أو بما شاء الله بالنسبة إلى البعض ، فغير خافية على العقلاء ، وبالنسبة إلى البعض إلى حين دخول الجنّة ، كما ورد : «لا تأمن مكري حتى تجوز الصراط» ، فما من مقام ولا حال ولا زمان ولا مكان ولا نشأة من النشآت الاستيداعيّة ، والتطوّرات الاستقراريّة ، التي ذكرها الله في خلق الإنسان من تراب وماء مهين ، ونطفة ، ثم علقة ، ثم مضغة ، ثم عظم ولحم ، إلى تمام النشأة الدنياويّة ، ثم البرزخيّة ، ثم الحشريّة ، ثم الجنانيّة إلّا ولله فيها على الإنسان نعم كثيرة ـ كما بيّنّا ـ موقّتة ومستصحبة.
فالموقّتة منها كلّ نعمة هي من لوازم كلّ نشأة وحالة يتلبّس الإنسان بها ، ثم ينسلخ عنها في العوالم والمراتب والأطوار التي يمرّ عليها.
وغير الموقّتة والمستصحبة نعمة الحراسة ، ونعمة العناية ، ونعمة الرعاية ، ونعمة قبول الأعمال الذاتيّة ، ونعمة صحّة المعرفة اللازمة للشهود (٤) الذاتي ، ونعمة الارتضاء والقبول الذاتي ، ونعمة حسن التعويض والتبديل والإنشاء ، ونعمة التخلّي للتجلّي ، ونعمة إشهاد
__________________
(١) جامع المسانيد ، ج ١٨ ، ص ٢٤٩.
(٢) ه : يستقلّ.
(٣) ق : الغيبي.
(٤) ق : بالشهود.