أو ليت لم يكن كذا ، وإن كان يعتبر فيه الإرادة أن يكون هو الإرادة نفسها ، كما في الخبر لأنه مما يعتبر فيه الإرادة ثم لا يقال هو الإرادة نفسها ، كذلك في مسألتنا.
وبعد ، فكان يجب على ما قالوه أنه لا يصل أحدنا إلى متمناه البتة ، والمعلوم خلافه.
فإن قيل : إنا نقول : إرادة الله تعالى تتعلق بالضدين ولكن على الوجه الذي يصح دون الوجه الذي يستحيل ، فيريد أحد الضدين أن يكون ، والآخر بأن لا يكون.
قيل له : الإرادة لا يصح تعلقها بالنفي ، لأنها لو تعدت في التعلق من وجه الحدوث إلى ما زاد عليه ولا حاصر ، لوجب تعديها في التعلق إلى سائر الوجوه كالاعتقاد ، فتعلق بالقديم والماضي والباقي ، وقد علم تعذر ذلك ، وأما إرادة أن لا يقوم زيد فهي متعلقة بضد القيام وهو القعود ، ولذلك لا يصح أن يريد من الميت أن لا يقوم ، لما لم يتأت منه القعود.
وبعد ، فلو كان القديم مريدا لذاته والمرادات غير مقصورة ، فالواجب أن يريد كل واحد من الضدين على كل وجه يصح أن يراد عليه ، فيريد كل واحد منهما أن يكون وأن لا يكون ، فيلزم اجتماع الضدين لا محالة.
وبعد ، فليس بأن يريد أحد الضدين أن يكون والآخر أن لا يكون أولى من خلافه ، فيجب أن يريد كل واحد منهما أن يكون وأن لا يكون لأنه مريد لذاته لا بإرادة محدثة تختص أحدهما دون الآخر.
فإن قيل : يريد أحدهما ، ثم كونه مريدا له يحيل كونه لضده.
وقيل له : كيف يكون بإرادة أحدهما أحق من إرادة الآخر مع كونه مريدا لذاته؟.
وبعد ، فإن هاهنا أضدادا لم يرد الله تعالى شيئا منها ، ألا ترى أنه لم يرد خلق فعل بحضرتنا إذ لو أراده يحصل فكنا ندركه ، ولا أراد ضده أيضا وهو الفناء إذ لو أراده لفنيت الأجسام كلها ، لأن فناء بعض الأجسام فناء لسائرها ، وكذلك فلم يرد تحريك هذا الجسم ولو أراده لتحرك فكنا نعلمه متحركا ، ولا أراد تسكينه أيضا وإلا كان يتعذر علينا تحريكه ، لأن مراد الله تعالى بالوجود أولى ، وأيضا فلم يرد الله تعالى زيادة شهوتنا للطعام ، وإلا ازدادت فكنا نجدهما من أنفسنا ونتبينها ، ولا أراد ما يضادها من النفار وإلا كنا نجد أنفسنا نافرين عن الطعام ، فكيف يصح أن يقال في كل