قال سبحانه :
(... فَالَّذِينَ هاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي وَقاتَلُوا وَقُتِلُوا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ ...). (١)
ويمكن أن يقال : إنّ الآية تشير إلى المعنى الواسع للهجرة والذي يشمل ترك الذنب والتنزّه عن التلوث بالمعاصي والرذائل النفسانية ، وذلك بقرينة مقابلة قوله سبحانه : (هاجَرُوا) مع قوله سبحانه : (أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ) وإن كان الفخر الرازي قد فسّر الجملتين بنحو آخر حيث قال : المراد من (هاجَرُوا) الذين خرجوا من ديارهم باختيارهم وإرادتهم ، والمراد من (أُخْرِجُوا) الذين أُجبروا على ترك الديار والأوطان.
والذي يؤيد ما قلنا ، الروايات التي وردت في خصوص هذا النوع من «الهجرة» حيث يسأل أحد المسلمين الرسول الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم : أيّ الهجرتين أفضل؟
فأجاب صلىاللهعليهوآلهوسلم :
«أن تهجر ما كره ربّك». (٢)
وفي حديث ورد عن أمير المؤمنين عليهالسلام أنّه قال :
«يقول الرجل هاجرت ولم يهاجر ، إنّما المهاجرون الّذين يهجرون السّيئات ولم يأتوا بها». (٣)
وفي بعض الروايات نقل عن الرسول الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم أنّه قال :
«لا تنقطع الهجرة حتى تنقطع التوبة». (٤)
__________________
(١). آل عمران : ١٩٥.
(٢). جامع الأُصول لابن الأثير : ١٢ / ٢٦٢.
(٣). سفينة البحار : ٢ / ٦٩٧.
(٤). جامع الأُصول : ١٢ / ٢٦١.