أنّه لا يوجد مذنب على وجه الأرض يقطع باستمرار حياته إلى الوقت الذي يقرر فيه التوبة ، وحينئذٍ كيف يأمل في التوبة مع هذا الشك والترديد في بقاء حياته لتتسنّى له التوبة ، وكيف يرتكب الذنب على أمل أن يتوب في المستقبل؟
نعم هناك بعض المجرمين يرتكبون الذنوب على أمل التوبة ولكن في الواقع انّ هؤلاء يخدعون أنفسهم بعملهم هذا ، وإذا لم يكن باب التوبة مفتوحاً أمامهم فإنّهم لن يمسكوا أيديهم عن الاستمرار في الجريمة والمعصية ، بل يتظاهرون بالتوبة أمام الناس.
نعم يمكن استغلال الأصل الصحيح والاستفادة منه بطريقة سلبية ، ولكن ذلك لا يكون سبباً للإمساك عن تشريع هذا الأصل التربوي المهم وحرمان الناس منه تحت ذريعة استغلاله من قبل البعض.
ثمّ إنّنا لا بدّ أن ننظر إلى الأُمور نظرة واقعية ، وأنّ نعترف بالحقيقة وإن كانت مرّة ، وهي أنّ غالبية الناس يقترفون المعاصي في حياتهم ويقترفون الذنوب والآثام وانّ المعصومين والمنزّهين من الذنب والخطأ قليلون جداً بعدد الأصابع ، وبالنتيجة نعترف بأنّ الذنوب والمعاصي لا تنفك عن الفرد والمجتمع ، سواء أكان باب التوبة مفتوحاً أم أُغلق باب التوبة في وجوه المجرمين ، ولا شكّ أنّه في مثل هذه الحالة يكون لفتح باب التوبة وتشريعه أثرٌ فاعل في سعادة الإنسان واستقراره لا في شقائه وتعاسته أو ....
نعم إذا كان إيصاد باب التوبة عاملاً في مصونية الفرد والمجتمع عن الذنوب ، أو كان فتح باب التوبة سبباً وباعثاً «للتجرّي» ، ففي مثل هذه الحالة يفقد التشريع حكمته وتفقد التوبة فلسفتها.
ولكن الواقع ليس كذلك ، بل الحقيقة على خلافه ، وذلك لأنّ الإنسان