له البيعة بالخلافة بعده ، وكلّفه ولاية العهد على الإجبار والإكراه ، وكتب صكّا (١) بخطّه ، فكتب ـ عليهالسلام ـ على ظهر الصكّ «الجفر والجامعة يدلّان على ضدّ ذلك (٢)» ، وما أدري ما يفعل بي ولا بكم (إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ يَقُصُّ الْحَقَّ وَهُوَ خَيْرُ الْفاصِلِينَ) (٣).
وهذا من المستفيض المتواتر عند حملة الروايات ونقلة الآثار والاخباريين من الفريقين. قال علّامة تفتازانهم فى شرح المقاصد : «العظماء من عترة النبيّ واولاد الوصيّ ، الموسومون بالدراية ، المعصومون في الرواية ، لم يكن معهم هذه الأحقاد والتعصّبات ، ولم يذكروا من الصحابة إلا الكمالات ، ولم يسلكوا [الف ـ ١٦] مع رؤساء المذاهب من علماء الإسلام إلّا طريق الإجلال والإعظام ، وها هو الإمام علي بن موسى الرضا مع جلالة قدره ونباهة (٤) ذكره ، وكمال علمه وهداه وورعه وتقواه ، قد كتب على ظهر كتاب (٥) المأمون له ما ينبئ عن وفور حمده ، وقبول عهده ، والتزام ما شرط عليه ؛ وأن كتب في آخره : والجامعة والجفر يدلّان على ضدّ ذلك.» ، ثمّ قال «وهذا العهد بخطّهما موجود الآن بالمشهد الرّضويّ بخراسان» (٦).
وصعد المأمون المنبر لمّا بايع الرضا ـ عليهالسلام ـ وقال : «أيّها الناس جاءتكم بيعة علي بن موسى بن جعفر بن محمّد بن علي بن الحسين بن علي ، والله لو قرئت هذه الأسماء على الصمّ البكم لبرؤوا بإذن الله عزوجل (٧)».
وبالجملة : إنّ أعلام الطريق وعلماء المذاهب على شدّة عتوّهم وفرط تعصّبهم ، لم يسع أحدا منهم أن يستنكر قدر أئمّتنا الطاهرين وساداتنا المعصومين ، فهم وفاطمة جميعا آل محمّد ، الواجب ذكرهم في تشهّد الصلاة عند أصحابنا أجمع ، وذهب ابو حنيفة
__________________
(١) الصكّ : الكتاب.
(٢) راجع : «المناقب» لابن شهر آشوب ، ج ٤ / ٣٦٥.
(٣) الانعام ، ٥٧.
(٤) النباهة : بفتح النون ، الشرف ، الفطنة.
(٥) في المصدر : كتاب عهد المأمون.
(٦) «شرح المقاصد» ، ج ٢ / ٢١٠ ، ط مصر.
(٧) راجع : «عيون اخبار الرضا» ج ٢ / ١٤٧ و «بحار الأنوار» ، ج ٤٩ / ١٣٠.