ضرب «د» في «ى» و «ح» و «د» هما حرفا الطبيعة غير مجد (١) طائلا في جعلها حرف الخلق كما أسّسه.
أليست هي معراج كمال حرف الطبيعة ، والطبيعة جوهر سار في الجسم ، هو المبدأ القريب لأفاعيل محلّها الذاتيّة؟ فعروجها في الكمال انسلاخها عن نذالة (٢) الجسمانيّة وسفالة الهيولانيّة ، واعتلاؤها بقوّة الإحاطة الروحانيّة واستعلاؤها بسلطان الاستيلاء العقلانيّ.
ولذلك كان من الاصطلاح الشائع عند الحكماء الراسخين اطلاق الطبيعة المدبّرة الجزئيّة على النفس الناطقة المجرّدة ، واطلاق الطبيعة الكلّيّة على العقول المفارقة الفعالة ، واطلاق الطبيعة الفعّالة الكلّية الحقيقيّة على مدبّر نظام الكلّ وممسكه وحافظه ومقيمه ، أعنى العناية الاولى الإلهيّة ، ولقد اتّخذ هذا الاصطلاح في «الشفاء» (٣) أساسا بنى عليه في الإلهيّات ، وفي الطبيعيّات وفي كتاب البرهان وعندهم أنّ كلّ ما في العالم فهو طبيعيّ بالنظر الى النظام الجمليّ الكلّي وان كان غير طبيعىّ بالنسبة [الف ـ ٥٧] الى النظامات الجزئيّة الشخصيّة ، وقد بسط القول فيه التلميذ (٤) في «التحصيل».
فإذن الحقّ أن يقال : الميم حرف المبدئيّة والمعاديّة ، والأوّليّة والآخريّة ، والفاعلية والغائيّة ، فتارة يدلّ بها على الأمر الابداعيّ من حيث الفاعليّة والغائيّة ، والقيّوميّة الاحاطيّة من حيث الأوليّة والآخريّة ، والمبدئيّة والمعاديّة بالاضافة الى الأنوار القاهرة العقليّة والذوات الامريّة النفسيّة ، والعقول المفارقة الّتي هي الطبائع المجرّدة المستخدمة للطبائع الجسمانيّة ، ويقال لها : «ارباب الانواع».
وتارة اخرى على مرتدفات (٥) هذه الأمر ومتعلّقات هذه الاضافة بحسب منشئها في البدء ، ومصيرها فى العود :
__________________
(١) مجد : نافع.
(٢) نذالة : حساسة ، حقارة.
(٣) راجع : «الشفاء» ، طبيعيات ، الفن الأوّل ، المقالة الاولى ، فصل ٧ ، الطبع الحجرى ، ص ١٦ ـ ١٧.
(٤) أى : بهمنيار. راجع : «التحصيل» ، ص ٦٦١ ـ ٦٦٢.
(٥) مرتدفات : متابعات.