الموضع الخامس : التَّوسط بين الكمالين مع قيام المانع» وهو كون الجملتين مُتناسبتين : وبينهما رابطة قوية لكن يمنع من العطف مانع ، وهو عدم قصد التشريك في الحُكم كقوله تعالى : (وَاذا خَلَوا إلى شياطينهم قالوا إنّا معَكم إنّما نحنُ مُستهزئون الله يستهزىء بهم). فجملة «الله يستهزىء بهم» لا يصح عطفها على جملة إنّا معكم» لاقتضائه أنه من مقول المنافقين : والحال أنه من مقولة تعالى «دعاء عليهم» ولا على جملة «قالوا» لئلا يُتوهم مشاركته له في التقييد بالظرف وأن استهزاء الله بهم مقيد بحال خُلوّهم إلى شياطينهم «والواقع أن استهزاء الله بالمنافقين غيرُ مقيد بحال من الأحوال ولهذا وجب أيضاً الفصل.
تنبيهان
الأول : لمّا كانت الحال تجىء جملة ، وقد تقترن بالواو ، وقد لا تقترن فأشبهت الوصل والفصل ، ولهذا يجب وصل الجملة الحالية بما قبلها بالواو إذا خلت من ضمير صاحبتها نحو جاء فؤاد والشمس طالعة (١).
__________________
(١) بيان ذلك أن الحال :
إما مؤكدة فلا واو : للاتحاد بين الجملتين لأنها مقررة لمضمونها نحو سعد أبوك كريم.
وإما متنقلة ـ لحصول معنى حال النسبة (أي نسبة العامل إلى صاحب الحال) فلزم فيها أمران ، الحصول والمقارنة : فالحال المفردة صفة في المعنى ، فلا تحتاج لواو للاتحاد وأما الحال الجملة فالمضارع المثبت لا يؤتى له بواو للارتباط معنى ، لوجود الحصول والمقارنة معا ، فلا حاجة للربط بها نحو وجاءوا أباهم عشاء يبكون ، ونحو ، قدم الأمير تتسابق الفرسان أمامه ، ولا يجوز وجاؤا أباهم عشاء ويبكون ، ولا قدم الامير وتتساب.
وهذه إحدى المسائل السبع المذكورة في النحو التي تمتنع فيها الواو.
الثانية : الحال الواقعة بعد عاطف نحو (فجاءها بأسنا بياتا أو هم قائلون).
الثالثة : المؤكدة لمضمون الجملة نحو (هو الحق لا شك فيه ، (ذلك الكتاب لا ريب فيه).
الرابعة : الماضي التالي إلا ، نحو ما تكلم زيد الا قال خيراً وقيل يجوز اقترانه بالواو كما ورد في قوله :
نعم امرؤ هرم لم تعر نائبة |
|
إلا وكان لمرتاع وزرا |