على ما يعود عليه بالنفع ، ويتم النظام ، ويكثر العمران فالقصاص : هو سبب ابتعاد الناس عن القتل ، فهو الحافظ للحياة.
وهذا القسم مطمح نظر البلغاء ، وبه تتفاوت أقدارهم ، حتى أن بعضهم سُئل عن (البلاغة) فقال : هي «إيجاز القصر» وقال أكثم بن صيفي خطيب العرب «البلاغة الإيجاز».
وايجاز الحذف يكون بحذف شيء من العبارة لا يخلّ بالفهم ، عند وجود ما يدل على المحذوف ، من قرينة لفظية أو معنوية وذلك المحذوف إما أن يكون :
(١) حرفاً : كقوله تعالى (ولم أكُ بغياً) أصله : ولم اكن (١).
(٢) أو إسماً مضافاً نحو : (وجاهدوا في الله حق جهاده) أي : في سبيل الله.
(٣) أو إسما مضافاً إليه نحو : (وَوَاعدنا موسى ثلاثين ليلة وأتممناها بعشر)أي : بعشر ليال.
(٤) أو إسما موصوفاً كقوله تعالى : (ومن تاب وعمل صالحاً) أي : عملا صالحاً.
(٥) أو إسما صفةً نحو : (فزادتهم رجساً إلى رجسهم) أي : مضافا إلى رجسهم.
__________________
حد الاعجاز وتمتاز بوجوه ، منها أنها كلمتان ، وما نقل عنهم أربع ، ومنها أنه لا تكرار ، فيها وفيما قالوه تكرار ومنها أنه ليس كل قتل يكون نافيا للقتل ، وإنما يكون كذلك إذا كان على جهة القصاص ومنها حسن التأليف وشدة التلاؤم المدركان بالحس في الآية الكريمة التي أعجزتهم أن يأتوا بمثلها ، لا فيما قالوه في مثلهم البسيط الذي لا يزيد عن متعارف الاوساط
(١) وكحذف لا في قول عاصم المنفري
رأيت الخمر جامدة وفيها |
|
خصال تفسد الرجل الحليما |
فلا والله اشربها حياتي |
|
ولا أسقى بها أبدا نديما |
يريد : لا أشربها.
ويقع إيجاز الحذف كثيراً في أساليب البلغاءُ بشرط أن يوجد ما يدل على المحذوف ، وإلا كان الحذف رديئاً ، والكلام غير مقبول.