شبه النياق السود ، بخافية الغراب ، بياناً لمقدار سوادها ، فالسواد صفة مشتركة بين الطرفين.
(٤) أو تقرير حال المشبه ، وتمكينه في ذهن السامع ، بابرازها فيما هي فيه أظهر (١) ، كما إذا كان ما أسند إلى المشبه يحتاج إلى التثبيت والإيضاح فتأتى بمشبه حسى قريب التصور ، يزيد معنى المشبه ايضاحاً ، لما في المشبه به من قوة الظهور والتمام ، نحو : هل دولة الحسن إلا كدولة الزَّهرَ ، وهل عمر الصِّبا إلا أصيل أو سحر ، وكقوله :
إن القلوبَ إذا تنافر وُدُّها |
|
مثل الزجاجة كسرها لا يُجبر (٢) |
شبه تنافر القلوب ، بكسر الزجاجة ، تثبيتا لتعذر عودة القلوب إلى ما كانت عليه من الأنس والمودَّة.
(٥) أو بيان إمكان وجود المشبه ، بحيث يبدو غريباً يُستبعد حدُوثه والمشبه به يزيل غرابته ، ويُبين أنه ممكنُ الحصول ، كقوله :
فان تفق الأنام وأنت منهم |
|
فان المسك بعض دم الغزال (٣) |
(٦) أو مدحه وتحسين حاله ، ترغيباً فيه ، أو تعظيما له ، بتصويره بصورة تهيج في النفس قوى الاستحسان ، بأن يعمد المتكلم إلى ذكر مشبه به معجب ، قد استقر في النفس حسنه و
__________________
(١) ويكثر في تشبيه الأمور المعنوية بأخرى تدرك بالحس : نحو التعلم في الصغر كالنقش في الحجر.
(٢) تنافر القلوب وتوادها من الأمور المعنوية ، ولكن الشاعر نظر إلى ما في المشبه به من قوة الظهور والتمام ، فانتقل بالسامع من تنافر القلوب الذي لا ينتهي إذا وقع ، إلى كسر الزجاجة الذي لا يجبر إذا حصل ، فصور لك الأمر المعنوي بصورة حسية.
(٣) أي أنه لا استغراب في فوقانك للانام مع أنك واحد منهم لأن لك نظيراً وهو (المسك) فانه بعض دم الغزال وقد فاق على سائر الدماء ففيه تشبيه حال الممدوح بحال المسك تشبيها ضمنيا ، والتشبيه الضمني هو تشبيه لا يوضع فيه المشبه والمشبه به في صورة من صور التشبيه المعروفة ، بل يلمحان في التركيب لافادة أن الحكم الذي أسند إلى المشبه ممكن ، نحو : المؤمن مرآة المؤمن.