فالاستعارة تصريحية تبعية نحو : نامت همومي عني ونحو : صه الموضوع للسكوت عن الكلام ، والمستعمل مجازاً في ترك الفعل ونحو : الجندي قاتل اللص ، بمعني ضاربه ضرباً شديداً ونحو : هذا الموضوعة للإشارة الحسية : والمستعملة مجازاً في الاشارة العقلية نحو : هذا راي حسن ، ونحو : قوله : (ولأصلبنكم فيجذوع النخل) ونحو : قوله تعالى : (فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدواً وحزناً).
وسميت (تبعية) لأن جريانها في المشتقات ، والحروف ، تابعٌ لجريانها أولاً : في الجوامد ، وفي كليات معاني الحروف ، يعني : أنها سميت تبعية لتبعيتها لاستعارة أخرى ، لأنها في المشتقات
__________________
التصريحية التبعية ، ومثال المكنية التبعية في الاسم المشتق يعجبني أراقة الضارب دم الباغي ، واجراء الاستعارة أن يقال شبه الضرب الشديد بالقتل ، بجامع الايذاء في كل ، واستعير القتل للضرب الشديد ، واشتق من القتل قاتل بمعنى ضارب ضربا شديداً ، ثم حذف وأثبت له شيء من لوازمه وهو الاراقة على سبيل الاستعارة المكنية التبعية ومثالها في الاسم المبهم قولك لجليسك المشغول عنك ، أنت مطلوب منك أن تسير إلينا الآن دشبه مطلق مخاطب بمطلق غائب فسرى التشبيه للجزئيات واستعير الثاني للأول ، ثم استعير بناء على ذلك ضمير الغائب للمخاطب ، وحذف وذكر المخاطب ، ورمز إلى المحذوف بذكر لازمه ، وهو طلب السير منه إليك ، واثباته له تخييل.
واعلم أن استعارة الاسماء المبهمة أعني الضمائر واسماء الاشارة والموصولات تبعية ، لأنها ليست باسم جنس لا تحقيقاً ولا تأويلا ولأنها لا تستقل بالمفهومية لأن معانيها لا تتم ولا تصلح لأن يحكم عليها بشيء ما لم تصحب تلك الألفاظ في الدلالة عليها ضميمة تتم بها كالاشارة الحسية والصلة ، والمرجع ـ فلابد أن تعتبر التشبيه أولا في كليات تلك المعاني الجزئية ، ثم سريانه فيها لتبني عليه الاستعارة مثلا في استعارة لفظ «هذا» لأمر معقول ، يشبه المعقول المطلق في قبول التمييز بالمحسوس المطلق فيسرى التشبيه إلى الجزئيات فيستعار لفظ هذا من المحسوس الجزئي للمعقول الجزئي الذي سرى إليه التشبيه ، فهي استعارة تبعية ـ والاستعارة في الضمير والموصول المؤنث ـ أو بموصولها عنه لشبهه بها ، أو عكسه ، فتشبه المذكر المطلق ، بالمؤنث ، كالتعبير عن المذكر بضمير المطلق ، فيسرى التشبيه ، فتستعير الضمير ، أو الموصول ، للجزء الخاص.