بكذا ، عن كذا إذا تركت التصريح به.
واصطلاحاً : لفظ أريد به غيرُ معناهُ الذي وضع له ، مع جواز إرادة المعنى الأصلي ، لعدم وجود قرينة مانعة من إرادته ، نحو «زيد طويل النجاد «تريد بهذا التركيب أنه شجاع عظيم ، فعدلت عن التصريح بهذه الصفة ، إلى الاشارة إليها بشيء تترتب عليه وتلزمه ، لأنه يلزم من طول حمالة السيف طول صاحبه ، ويلزم من طول الجسم الشجاعة عادة ، فإذاً : المراد طول قامته ، وان لم يكن له نجاد ، ومع ذلك يصحّ أن يراد المعنى الحقيقي ، ومن هنا يعلم أن الفرق بين الكناية والمجاز صحة إرادة المعنى الأصلي في الكناية ، دون المجاز ، فإنه ينافى ذلك.
__________________
يريدون أنه غني من الحال ، وعليه قول الحريري :
أن الغريب الطويل الذيل ممتهن |
|
فكيف حال غريب ماله قوت |
وكذلك قولهم : فلان طاهر الثوب ، أي منزه عن السيئات ، وفلان دثن الثوب أي متلوث بها ، قال امرؤ :
القيس ثياب بني عوف طهارة نقية |
|
وأوجههم عند المشاهد غرات |
ويقولون : فلان غمر الرداء ، إذا كان كثير المعروف عظيم العطايا ، قال كثير :
غمر الرداء إذا تبسم ضاحكا |
|
غلقت لضحكته رقاب المال |
ومن الكنايات اللطيفة : ما ذكرها الأدباء في الشيب والكبر ، فيقولون : عرضت لفلان فترة ، وعرض له ما يمحو ذنوبه ، واقمر ليله ، ونور غصن شيابه ، وفضض الزمان أبنوسه وجاءه النذير ، وقرع ناجذ الحلم ، وارتاض بلجام الدهر ، وأدرك زمان الحنكة ، ورفض غرة الصبا ، ولبى دواعي الحجي ، ومن كناياتهم عن الموت : استأثر الله به ، وأسعده بجواره ، ونقله إلى دار رضوانه ومحل غفرانيه ، واختار له النقلة من دار البوار إلى دار الأبرار ، ومن الكنايات أيضاً أن يقام وصف الشيء مقام اسمه كما ورد في القرآن الكريم (وحملناه على ذات أولاح ودسر) يعني السفينة ، فوضع صفتها موضع تسميتها ، كما ورد (إذ عرض عليه بالعشي الصافنات الجياد) يعني الخيل ، وقال بعض المتقدمين :
سألت قتيبة عن أبيها صحبة |
|
في الروح هل ركب الاغر الاشقرا |
يعني هل قتل ، لأن الاغر الاشقر ، وصف الدم ، فأقامه مقام اسمه.