نعم : قد تمتنع إرادة المعنى الأصلي في الكناية ، لخصوص الموضوع كقوله تعالى (والسموات مطويات بيمينه) وكقوله تعالى (الرحمن على العرش استوى) كناية عن تمام القدرة ، وقوة التمكن والاستيلاء.
وتنقسم الكناية بحسب المعنى الذي تشير إليه إلى ثلاثة أقسام :
١ ـ كناية عن صفةٍ : كما تقول (هو ربيب أبي الهول) تكنى عن شدة كتمانه لسره.
وتعرف كناية الصفة بذكر الموصوف : ملفوظاً أو ملحوظاً من سياق الكلام.
٢ ـ كناية عن موصوف : كما تقول (أبناء النيل) تكنى عن المصريين ، و (مدينة النور) تكنى عن باريس ، وتعرف بذكر الصفة مباشرة ، أو ملازمة ومنها : قولهم (تستغنى مصر عن مصب النيل ولا تستغني عن منبعه) كنوا بمنبع النيل عن أرض السودان.
ومنها : قولهم (هو حارس على ماله) كنوا به عن البخيل الذي يجمع ماله ، ولا ينتفع به ، ومنها : قولهم (هو فتىً رياضي) يكنون عن القوة ، وهلم جرّا.
٣ ـ كناية عن نسبة ، وسيأتي الكلام عليها فيما بعد ، فالقسم الأول وهو الكناية التي يطلب بها (صفة) هي ما كان المكنى عنه فيها صفة ملازمة لموصوف مذكور في الكلام.
وهي نوعان :
(أ) كناية قريبة : وهي ما يكون الانتقال فيها إلى المطلوب بغير واسطة بين المعنى المنتقل عنه ، والمعنى المنتقل إليه ، نحو قول الخنساء في رثاء أخيها صخر :
رفيع العماد طويل النجا |
|
دسادَ عشيرته أمردا(١) |
__________________
(١) قصدت الخنساء وصف صخر بطول القامة والشجاعة ، فعدلت عن التصريح بما أرادت إلى الاشارة إليه بطول النجاد لأنه يلزم من طول حمالة السيف طول قامة صاحبه ، أو طول القامة يلزمه الشجاعة غالباً ـ كما أرادت وصفه بالعزة والسيادة فلم تصرح بقصدها وصرحت بما يستدعي ما أرادت فقالت : (رفيع العماد) فرفعة العماد تستلزم أنه عظيم المكانة في قومه على الشأن بين عشيرته ، لجريان العادة بذلك ، وعمدت إلى وصفه بالجود والكرم ، فقالت (كثير الرماد) تشير كثرة الايقاد للاطعام ، وهذا يلزمه الكرم.