ب ـ وكناية بعيدة : وهي ما يكون الانتقال فيها إلى المطلوب بواسطة ، أو بوسائط ، نحو «فلان كثير الرماد» كناية عن المضياف ، والوسائط : هي الانتقال من كثرة الرّماد إلى كثرة الإحراق ، ومنها إلى كثرة الطبخ والخبز ، ومنها إلى كثرة الضيوف ، ومنها إلى المطلوب ، وهو المضياف الكريم.
القسم الثاني : الكناية التي يكون المكنى عنه موصوفاً (١) بحيث يكون إما معنى واحداً «كمواطن الأسرار» كناية عن القلب ، وكما في قول الشاعر :
فلما شربناها ودب دبيبها |
|
إلى موطن الأسرار قلت لها قفي |
وإما مجموع معان : كقولك «جاءني حيٌّ مستوى القامة ، عريض الأظفار» (كناية عن الانسان) لاختصاص مجموع هذه الأوصاف الثلاثة به ، ونحو :
الضاربين بكل أبيض مخذم |
|
والطاعنين مجامع الأضغان (٢) |
ويشترط في هذه الكناية : أن تكون الصفة أو الصفات مختصة بالموصوف ، ولا تتعداه ليحصل الانتقال منها اليه.
القسم الثالث : الكناية التي يراد بها نسبة أمر لآخر ، إثباتاً أو نفياً فيكون المكنى عنه نسبةً ، أسندت إلى ماله اتصال به ، نحو قول الشاعر :
إن السماحة والمروءة والندى |
|
في قبة ضربت على ابن الحشرج |
فانّ جعل هذا الاشياء الثلاثة في مكانه المختص به يستلزم اثباتها له.
والكناية المطلوب بها نسبةٌ.
___________________
(١) أي يكون المكنى عنه فيها ذاتا ملازمة للمعنى المفهوم من الكلام.
(٢) الضاربين منصوب بأمدح الهذوف ، والأبيض السيف ، والهذم بكسر الميم وسكون الخاء وفتح الذال المعجمتين القاطع ، والأضغان جمع ضنن وهو ما انطوى عليه الصدر من الحقد ، كنى الشاعر بجامع الأضفان عن القلوب ، وهي لا كناية صفة ، ولا كناية نسبة ، بل هي كناية موصوف.