(٦) وحسن الابتداء ، أو براعة المطلع : هو أن يُجعل أول الكلام رقيقاً سهلاً ، واضح المعاني ، مُستقلا عمّا بعده ، مناسباً للمقام ، بحيث يجذب السامع إلى الاصغاء بكلّيته ، لانه أول ما يقرع السمع ، وبه يُعرف ممّا عنده قال ابن رشيق : إن حسن الافتتاح داعية الانشراح ، ومطية النجاح وذلك كقول الشاعر :
المجد عوفى إذ عوفيتَ والكرم |
|
وزال عنك إلى أعدائك السَّقم |
وتزداد براعة المطلع حسناً ، إذا دلت على المقصود باشارة لطيفة وتسمى براعة استهلال (١) وهي أن يأتي الناظم ، أو الناثر : في ابتداء كلامه بما يدلّ على مقصوده منه ، بالاشارة لا بالتصريح ، كقول ابي محمد الخازن مُهنّأ الصاحب ابن عباد بمولود :
بُشرى فقد أنجز الاقبال ما وعدا |
|
وكوكب المجد في أفق العلا صعدا |
وكقول غيره : في التهنئة ببناء قصر :
قصر عليه تحيّة وسلام |
|
خلعت عليه جمالها الأيام |
وكقول المرحوم أحمد شوقي بك في الرثاء.
أجلٌ وان طال الزمان موافى |
|
أخلى يديك من الخليل الوافي |
وكقول آخر في الاعتذار :
لنار الهم في قلبي لهيبُ |
|
فعفواً أيها الملك المهيبُ |
وقد جاء في الأخبار أن الشعر قفل ، وأوّله مفتاحه.
__________________
(١) وبراعة الطلب ، هي أن يشير الطالب إلى ما في نفسه ، دون أن يصرح بالطلب ، نحو (ونادى نوح ربه فقال رب ان ابني من أهلي) اشارة إلى طلب النجاة لابنه ، وكقوله :
وفي النفس حاجات وفيك |
|
فطانة سكوتي بيان عندها وخطاب |