ج) اصطدام جناحي الهواء الحار والبارد وتقلبهما وتنتج عنه (الأمطار الغزيرة) ، وأنَّ الغيوم والأمطار كافة تنشأ عن أحد هذه الحالات الثلاث واهمها النوع الأخير.
اذن فالهواء يرتبط بالغيوم والأمطار في كل المراحل فهو يتدخل ابتداءً من حمل البخار وايصاله إلى المناطق الجافة ، مروراً وانتهاءً بهزّ الغيوم وانزال المطر ، وليس من الممكن حصول الغيوم والأمطار بدون الهواء ، والمعروف أنّ الغيوم ليست سوى الهواء (أي الهواء المحمَّل بالماء).
وورد في قسمٍ آخر من هذا البحث : «إنَّ قطرات الأمطار تهطل من الغيوم المتكونة من عدّة طبقات والتي ترتفع أكثر من عشرة كيلو مترات ، وهذه الغيوم العارية الصاخبة تظهر على هيئة جبالٍ حيث يُغطى القسم الأعلى منها بقضبان الثلج وقطع الجليد وقد تكون ممتلئة بالبرَدِ».
وحتى قبل الحرب العالمية الاولى حيث تمكنت الطائرات حينذاك من الارتفاع فوق الغيوم وشاهد الطيارون الستائر المتكونة من الجليد والناشئة من الغيوم المتصاعدة ، لم يكن لأي شخصٍ علمٌ بوجود الجليد والبَرَدِ في غيوم السماء.
«فالصعود المتقلِّب الاطبقي للرياح الرطبة والحارة يؤدّي إلى تكوين جبالٍ عاليةٍ من الغيوم المتجمدة التي تتزامن مع الزوابع الشديدة وسط الرعد والبرق المتتابعين» (١).
ويمكن أن يعطي هذا التوضيح تفسيراً جديداً للآية ٤٣ من سورة النور ويرفع الحجاب عن معجزة علمية لطيفة للقرآن الكريم ، حيث يقول : (وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّماءِ مِنْ جِبَالٍ فِيهَا مِنْ بَرَدٍ فَيُصِيْبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيصْرِفُهُ عَن مَّنْ يَشاءُ يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالأَبْصَارِ) فأيُّ جبلٍ في السماء توجدُ فيه قطع البَرَدِ؟ هذا السؤال الذي كان صعباً ومعقداً بالنسبة للكثيرين ، ولهذا فقد ذكروا له عدة تفاسير.
ولكن من خلال الاكتشافات أعلاه يتضح عدم الحاجة إلى التبرير والتقدير والمجاز وامثال ذلك لتفسير الآية المذكورة ، ويتبينُ معنى الآية في ظل هذا الأمر (٢).
__________________
(١) الهواء والمطر ، ص ٥٧ ـ ٦٥ (مع الاختصار).
(٢) من أجل المزيد من الايضاح يراجع التفسير الأمثل ، ذيل الآيه ٤٣ من سورة النور.