الكريم ، فنقرأ في قوله تعالى : (وَانْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَانْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ). (١) (لقمان / ١٠)
وقوله تعالى (وَتَرى الارْضَ هَامِدَةً فَاذا انْزَلْنَا عَلَيْهَا المَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَانْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ) (٢). (الحج / ٥)
ونقرأ أيضاً في قوله تعالى : (وَانْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَاخْرَجْنَا بِهِ ازْوَاجَاً مِّنْ نَّبَاتٍ شَتَّى). (طه / ٥٣)
عندما وصل أغلب المفسرين الاوائل إلى هذه الآيات فسروا «زوج» بمعنى «النوع» «الصنف» ، و «الأزواج» بمعنى «الأنواع» و «الأزواج» المختلفة للنباتات ، لأنّ حقيقة الزوجية في حقل النباتات بمعناها المعروف لم يكن معروفاً في ذلك الزمان.
إنّ الناس في سالف الزمان وإن كانوا يعلمون نوعاً ما عن أنّ بعض أنواع النباتات يتكون من جنسين ، الذكر والانثى ، وأنّهم كانوا يستخدمون عملية التلقيح من أجل تكثيرها (خصوصاً شجرة النخل التي يُعلم بوجود الذكر والانثى فيها منذ قديم الزمان ، وأنّهم كانوا يحرصون على إنمائها عن طريق التلقيح) ، لكن أحد العلماء المعروفين في حقل النباتات من السويد يدعى (لينه) كشف عن هذه المسألة لأول مرّة في أواسط القرن الثامن عشر للميلاد وهي أنّ عنصر الزوجية (بين الذكر والانثى) في عالم النباتات تعتبر من احدى المسائل العامة ، والمتفق عليها ، وأنّ النباتات كأغلب الحيوانات إنّما تتكاثر وتنمو من خلال الامتزاج بين نطفة الذكر والانثى ، ومن ثم تعطي الثمار.
إلّا أنّ القرآن الكريم ـ كما رأينا ـ قد كشف النقاب عن هذة الحقيقة قبل هذا العالم بإثني عشر قرناً ، وأشار إلى عنصر الزوجية في عالم النباتات في موارد متعددة ، إلّاأنّه نظراً لعدم امتلاك هؤلاء للجرأة في التصريح بهذه الحقيقة ، عمدوا إلى تفسير الزوجية بمعنى آخر على خلاف ظاهرها.
__________________
(١) وورد نفس المضمون في كل من الآية (٧) من سورة الشعراء والآية (٧) من سورة (ق).
(٢) ورد نفس هذا المضمون في الآية ٧ من سورة الشعراء والآية ٧ من سورة ق.