إلّا جزء ضئيل من احدى المجرّات التي تسمى بـ «درب التبانة» ، ففي مجرّتنا فقط أكثر من مائة مليارد كوكب والشمس بعظمتها هي احدى النجوم المتوسطة في هذا الجيش الجرّار للنجوم.
الفضاء واسع جدّاً بحيث إنّ سبر اغواره ليس يستحيل بالمركبات الفضائية البشرية فحسب ، بل إنّنا لو ركبنا ذرات الضوء ـ التي تسير بسرعة فائقة تصل إلى ثلاثمائة الف كيلو متر في الثانية الواحدة ـ لاستغرقت رحلتنا هذه ملياردات السنين الضوئية أيضاً حتى يمكننا أن نقطع المساحة المكتشفة في هذا العالم.
وكلما كان حجم المراصد الفلكية أكبر وأدق ، كلما كشفت لنا الحجب عن عوالم جديدة اخرى.
بالرغم من هذه الاكتشافات فإنّنا لحد الآن لم نتوصل إلى ما وراء ما عرفناه وشاهدناه ، وإنّ ما اكتشف بأكبر المراصد هو زاوية صغيرة وتافهة من هذا العالم العريض.
وحسب قول أحد العلماء : فإنّ كل هذا العالم الواسع الذي نشاهده ليس إلّاذرة صغيرة ، وجزء لا حدود له من عالم أكثر عظمة (١).
ومن هنا نقف على عمق الآية الآنفة الذكر التي تقول : (لَخَلقُ السَّمَواتِ وَالارض اكبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلَكنَّ اكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعلَمُونَ).
ونتساءل ألا يُعدُّ بيان مثل هذه الامور من قبل فرد امي في عصر نزول القرآن وفي بقعة من أكثر بقاع العالم تأخراً ، معجزة؟
وبهذا النحو نصل إلى نهاية بحث الاعجاز العلمي للقرآن ، وإن كانت لا تزال هناك ملاحظات كثيرة لم نتطرق إليها.
ونعتقد أنّ البحث في النماذج الستة عشر السابقة أثبت بشكل منصف ولكل إنسان واع حقيقة استحالة أن يكون هذا الكتاب العظيم أي (القرآن) من صنع عقل البشر.
* * *
__________________
(١) مجلة الفضاء ، العدد ٥٦ ، سنة ١٩٧١.