أكلت منها حواء واعطت منها لآدم أيضاً فتفتحت عيناهما ، واطلعا على الحسن والقبح ، وأدركا قبح العري فصنعا من الورق العريض لشجرة التين ستراً لهما وربطوه حولهما ، حينما كان الله تعالى يتمشى في الجنّة عمد آدم إلى اخفاء نفسه بين أشجارها ، فلم يشاهده الله تعالى وناداه أين أنت؟ فأجاب الله تعالى إنّي هنا بين الأشجار وقد أخفيت نفسي لأنني عارٍ فسأله الله تعالى : من أين علمت أنّك عارٍ؟ لعلك تناولت شيئاً من شجرة الحسن والقبح (شجرة العلم والمعرفة) ، فالقى التبعة على عاتق زوجته ، لما عُوتبت حواء ألقت التبعة على عاتق الأفعى (الشيطان) ، هنا عاقب الله الأفعى ، بأنّ تزحف على بطنها ، وتأكل من تراب الأرض طيلة حياتها.
من ناحية اخرى ، بعد أن تناول آدم من (شجرة العلم والمعرفة) وأصبح كأحد الآلهة ، احترس الله تعالى من أن يتناول من (شجرة الحياة) أيضاً ويحظى بالعمر الخالد. ولذلك اصدر الله تعالى أمراً بإخراجه من الجنّة وأمر الملائكة أن يحرسوا شجرة الحياة بالسيف البتار لئلا يقترب منها آدم.
ولا يخفى علينا أنّ هذا هو التوراة نفسه الذي يعد اليوم (الكتاب المقدس) لجميع يهود ومسيحيي العالم ، ويؤمن جميعهم بمحتواه ويعتقدون أنّه الكتاب عينه الذي كان في أيدي اليهود والنصارى في عصر نزول القرآن.
وبطبيعة الحال فإنّنا لا نعتقد بوجود مثل هذا النوع من الخرافات الصبيانية المبتذلة في الكتاب السماوي لموسى عليهالسلام ، أو أنّ الأنبياء بعده دافعوا عنه ، ولكن على أي حال احتوت هذه الاسطورة الغريبة على امور جارحة في حق الله تعالى ، بحيث إنّ كل واحدة منها أشنع من الاخرى ومن جملتها :
١ ـ نسبة الكذب إلى الله تعالى استناداً إلى ما نقلوه من قوله أنّكما لو تناولتما شيئاً من شجرة (العلم والمعرفة) فستموتان.
٢ ـ نسبة البخل إليه جل وعلا بمانقلوه من أنّه لم يوافق على أن يأكل آدم وحواء من شجرة العلم والمعرفة ، فيحظيا بالعقل والإدراك وكان يريد لهما البقاء على جهلهما وعدم معرفتهما.