جعلتك سلطانا على اسرائيل وأنقذتك من ربقة «شاوول» (١) ... لماذا استهنت بأمر الله تعالى ، وارتكبت عملاً قبيحاً لديه فضربت ، (اورياه حِتّي) بالسيف ، وفعلت مع زوجته فعلا قبيحاً ، إنّك قتلته بسيف «بني عمون» (٢) ، والآن لن يفارق بيتك السيف أبداً ، والسبب في ذلك هو تحقيرك لي ، أخذت امرأة (اورياه حتي» لتكون زوجتك ، والله تعالى يقول سأشعل فتيل البلاء عليك من قصرك وساخذ زوجاتك من أمام عينيك واعطيها لصاحبك! وسينام مع نساءك في عين هذه الشمس! لأنّك قمت بهذا العمل سراً أمّا أنا فسأنفذ العقاب في وضح النهار بمرأى ومسمع من بني اسرائيل.
وقال داود ل «ناثان» : إنّي خالفت أمر الله تعالى بارتكابي الذنب ، وقال «ناثان» لداود أيضاً : إنّ الله قد عفى عن ذنبك ولن تموت ...
وقدم داود التعازي إلى زوجته «بث شبع» وقاربها ، نام معها فأنجبت ولداً سماه (سليمان) وقد أحبّه الله تعالى» (٣).
تظهر في هذا المقطع من القصة بعض الملاحظات التي ينبغي التدقيق فيها :
أ) لم يأت إلى داود عليهالسلام من يطالب بإجراء العدالة وإنّما جاء إليه أحد أنبياء بني اسرائيل في ذلك العصر وقد كان مستشاراً لداود وذكر له على سبيل المثال أحد القصص للموعظة والنصيحة ، ولم يتطرق الحديث في هذه القصة إلى الأخوين ، وإنّما اتّجه البحث إلى الرجلين الغني والفقير وكان أحدهما يملك قطيعاً كبيراً من الأبقار والأغنام والآخر لا يملك سوى نعجة واحدة ، كما أنّه لم يتطرق الحديث في هذا الموضع أيضاً إلى مسألة استدعاء الشخص الأول من الثاني ، بل غاية ما في الأمر أنّه حينما قدم ضيف إلى الرجل الغني ذبح النعجة التي كَبُرت على يد الرجل الثاني واعدها طعاماً للضيف.
ب) ذهب داود عليهالسلام إلى الاعتقاد بأنّ مثل هذا الظالم يستحق القتل (ولماذا يتوجّب القتل من أجل اغتصاب نعجة واحدة؟!).
__________________
(١) «شاوول» ، أحد سلاطين بني اسرائيل.
(٢) «بني عمون» ، كانت من الشعوب المحاربة التي تعيش في الطرف الشرقي من «البحر الميت» وقد حاربهم داود.
(٣) الكتاب الثاني ، شموئيل الفصل ١٢ ، من الجملة ١ ، وحتى ٢٤.