علاوة على ذلك فإنّه من الخطأ أن نعتبر وظيفة القانون منحصرة في نطاق الحد من حدوث الاعتداءات وإنهاء النزاعات ـ وإن كان هذا هو الهدف من وضع الكثير من القوانين ـ بل يقع على عاتق القانون قبل هذا مسؤولية توثيق العلاقات الاجتماعية وإيجاد الضمانات والتعامل معها بصدق وأمانة وتأمين الحرية اللازمة من أجل تمكين وتربية القابليات وتنميتها ، وتمركز القوى وتعبئة الإمكانيات باتّجاه معين من أجل توسيع رقعة التكامل.
والواقع إنّ القانون هو بمثابة الدم الجاري في عروق المجتمع البشري ، لهذا لابدّ من القول بصراحة : إنّه إذا انعدم القانون لم يكن لوجود المجتمع معنى ، ولم يتحقق التقدم والازدهار.
إذن لم يعد الجواب عن السؤال المتقدم صعباً ، فالقانون الأفضل هو الذي يمتلك صلاحية أكثر في تأمين الامور التالية :
١ ـ أن يجمع بين كافة القوى المؤلفة للمجتمع الإنساني تحت راية واحدة قوية ، ويحل مشكلة الاختلافات الموجودة فيه كاختلاف الألوان والقوميات واللغات.
٢ ـ أن يهيء الأرضية المناسبة لنمو الاستعدادات الكامنه وتطوير القدرات الخلاقة لدى المجتمع.
٣ ـ أن يؤمّن الحرية الواقعية حتى يتمكن جميع الأفراد من العمل على تنمية استعداداتهم في ظلها.
٤ ـ يحدد الحق المشروع لكل شخص من الأشخاص وكل فئة من الفئات كي يقف حاجزاً دون حصول النزاعات والاختلافات والاعتداءات.
٥ ـ أن يعمق في النفوس روح الاعتماد والاطمئنان من خلال تعيين نظام إجرائي صحيح مضمون.
٦ ـ القانون الصالح ليس كما يتصوره البعض بأنّه القانون الذي يحمل معه مجموعة من القوانين العريضة والموسعة والتي تشتمل على الأجهزة القضائية الواسعة والشرطة والسجون الكثيرة ، بل إنّ هذا يدل على ضعف ذلك القانون وذلك المجتمع وعجزهما ،