وسبحان الذي : (يَعلَمُ خَائِنَةَ الاعُينِ وَمَاتُخفِى الصُّدُوُر). (غافر / ١٩)
والله الذي جعل الأرض والزمان وحتى أعضاء بدن الإنسان رقيباً عليه وشاهداً وشهيداً على أفعاله (١).
و «الإيمان بمحكمة القيامة الكبرى» بحيث لو كان في صحيفة أعمال الإنسان مقدار ذرة من عمل الخير أو الشر لاحضروها أمامه ، ويلاقي حسابه وجزاؤه : (فَمَن يَعملْ مِثَقالَ ذَرَّةٍ خَيراً يَرَهُ* وَمَن يَعملْ مِثَقالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ). (الزلزلة / ٧ ـ ٨)
وليست الأمثلة السابقة هي التي تعكس آثار الإيمان بالمبدأ والمعاد فحسب ، بل لدينا مئات الأمثلة من هذه الآيات في القرآن الكريم يعدّ الاعتقاد بها من أفضل الضمانات لتنفيذ القوانين الإلهيّة.
وكم هو الفرق بين من يرى نفسه مراقباً من قبل القوى الامنية والعسكرية التي لا تتجاوز أعدادها الواحد بالالف وبما تمتلك من إمكانيات محدودة ونواقص كثيرة عندما تكون رقيبةً على أعمال الآخرين ، ومع ما تراه لازماً من اتخاذ الاستعدادات الكافية من أجل الدخول في الأماكن الهامة والمنازل العامة ، وما أبعد الهوة بين هذا الشخص وبين من يرى نفسه في كل الأحوال والأمكنة وبدون استثناء خاضعاً لرقابة الله المستمرة والملائكة ، ويعتقد أنّ الموجودات من حوله وحتى أعضاء بدنه ستحتفظ بأعماله وتعلن عنها في حينه.
إنّ الضمانة التنفيذية لا أثر لوجودها في العالم المادي إطلاقاً ، ولهذا السبب لم تتمكن الضمانات التنفيذية الاخرى بأي شكل من الأشكال أن تقف حاجزاً أمام المخالفات الاخرى ، في حين تنحسر هذه المخالفات القانونية في ظل الأجواء الدينية الواقعية التي يكون هذا الضامن التنفيذي فيها فعالاً ، كما تحقق ذلك في زمن حياة النبي الأكرم صلىاللهعليهوآله ففي ذلك الزمان لم يكن لوجود السجون معنى على الاطلاق ، وقلّما كانت تعقد المحاكم القضائية ، فقد كانت شكاوى الناس تتلخص بمجيء بعض الأشخاص أحياناً إلى محضر النبي صلىاللهعليهوآله في المسجد ويطرحون دعاواهم ، فيستمعون إلى الأجوبة في المكان نفسه ويخرجون راضين بالحلول العادلة.
__________________
(١) الزلزلة ، ٤ ؛ ويس ، ٦٥ ؛ والنور ، ٢٤.