يَأْمُرُونَ بِالمَعرُوفِ وَيَنهَوْنَ عَنِ المُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ ويُطِيعُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ). (التوبة / ٧١)
وتتجلّى الأهميّة القصوى لهاتين الوظيفتين في الآية الكريمة من خلال تقديم ذكرهما على الصلاة والزكاة وإطاعة الله والرسول ، والسر في ذلك يقع في أنّ أركان الصلاة والزكاة والطاعة لاتستقيم أعمدتها من دون هذه الرقابة العامة على إجراء القوانين.
وفي موضع آخر حينما يعمد تعالى إلى طرح الصفات المختصة بالمجاهدين في سبيل الله أولئك الذين اشتروا الجنّة من الله تعالى بأموالهم وأنفسهم ، يقول بعد بيان ست صفات من الصفات المتعلقة بهؤلاء المجاهدين : (الآمِرُونَ بِالمَعرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ المُنكَرِ والحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللهِ). (التوبة / ١١٢)
وممّا يلفت النظر : إنّه نظراً إلى أنّ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر له مراحل مختلفة تبدأ من النصيحة والإرشاد والمواعظ الاخوية ، وتشق طريقها حتى تصل إلى مرحلة التشدد والحزم العملي ، بناءً على ذلك فقد قسمها القرآن إلى قسمين ، جعل القسم الأول في متناول الجميع ، أمّا القسم الثاني فقد جعله في متناول جماعة خاصة تمارس أعمالها تحت إشراف الحكومة الإلهيّة ، ولذا يشير إلى هذا التقسيم بقوله تعالى : (وَلتَكُن مِّنكُم امَّةٌ يَدعُونَ الَى الخَيرِ وَيَأْمُرُونَ بِالمَعرُوفِ وَيَنهوَنَ عَنِ المُنكَرِ واولَئِكَ هُمُ المُفلِحوُنَ). (آل عمران / ١٠٤)
ومن البديهي إنّ الامّة التي تأخذ على عاتقها مسؤولية الرقابة ، على إجراء القوانين ويشاطرها في هذا الشعور بالمسؤولية كافة أفراد المجتمع ، سيكون القانون في أوساطها معززاً مكرماً وصالحاً للتطبيق في الوقت المناسب.
وحينما نخرج من دائرة الرقابة العامة يأتي الكلام عن الرقابة الذاتية ، والروحية والاعتقادية والوجدانية للأفراد على حسن إجراء القوانين وهكذا رقابة تعتبر بحقّ أفضل أنواع الرقابات وذلك لوجود الرادع الذاتي للفرد.
أمّا «الإيمان بالمبدأ» أي بالله عزوجل الذي هو حاضر في كل حين وهو أقرب إلى العباد من أنفسهم : (وَنَحنُ اقرَبُ الَيهِ مِن حَبلِ الوَرِيدِ). (ق / ١٦)