أولاً : لم يتحرك المسلمون بنية القتال ومن الطبيعي لم تكن في حوزتهم العدة والعتاد الكافي ، لأنّهم كانوا بهدف الاستيلاء على القافلة فاذا بهم يباغتون بجيش جرار ومسلح من قريش (طبعاً في مقياس ذلك الزمان).
ثانياً : من جهة الموازنة بين القوى فقط كان المسلمون يعيشون في وضع سيء في الظاهر فقد كان عدد أفراد جيش العدو يفوق عدد أفراد المسلمين بثلاثة أضعاف ، وكانت في حوزتهم الخيول والجمال الكثيرة والمستلزمات الحربية الكافية ، في حين كان المسلمون يمتلكون فارسين فقط ، وكانت عدتهم الأساسية تتكون من ٧٠ ناقة يركبها كل واحد منهم بالتناوب.
ثالثاً : كان يوجد هناك أفراد أقوياء وشجعان بين صفوف جيش قريش ، وكان الوازع والدافع النفسي للحرب ناشئاً من احساسهم بأنّهم لا يرون أنّ أموالهم وثروتهم هي المعرضة للخطر فحسب ، بل كل شيء يمتلكونه هو معرض للخطر أيضاً.
لكن بالرغم من ذلك كله فإنّ الله وعد المسلمين بالنصر وفقاً للآية الصريحة التي تقدم ذكرها ، وأكّد النبي على ذلك تأكيداً بالغاً أيضاً.
والجدير بالذكر أنّه قد ظهرت على مدار هذه الحادثة قضايا مختلفة عبرت عن وجود «امدادات غيبية» من جملتها أنّ المسلمين غطوا في نوم هاديء في ليلة وقعة بدر بحيث أعدتهم وعبأت قواهم ليوم المنازلة ، كما هطل المطر من السماء ليغتسلوا ويتطهروا ممّا هم عليه ، ثم لتصبح الأرض الرخوة التي يصعب التحرك عليها صلبة ومتماسكة وصالحة للنزال ، وهذا هو ما أشارت إليه الآيات اللاحقة بالقول : (اذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ امَنَةً مِّنهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيكُم مِّنَ السَّمَاءِ مَآءً لِّيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيُذهِبَ عَنكُمْ رِجْزَ الشَّيَطانِ وَلِيَربِطَ عَلَى قُلُوبِكُم وَيُثَبِّتَ بِهِ الَاقدَامَ). (الانفال / ١١)
ملخص الكلام أنّه يتضح جيداً من مجموع الآيات المتعلقة بملحمة بدر في القرآن الكريم مدى الاضطراب والتزلزل الروحي لدى بعض المسلمين من تزايد أفراد العدو وقدراته العسكرية وتفوقهم على المسلمين ، لذلك كان من الطبيعي جدّاً التنبوء بهزيمة