إلى المدينة ، فبدأ يشاور أصحابه في ذلك المكان وما يرتأونه من ملاحقة القافلة التجارية أو الوقوف بوجه معسكر الأعداء ، فوافق البعض على مواجهة الأعداء إلّاأنّ البعض الآخر كان يميل باطنياً إلى ملاحقة القافلة والسبب في ذلك يعود إلى أنّهم لا يجدون في أنفسهم الاستعداد الكافي لمواجهة القدرة العسكرية الهائلة للأعداء.
لكن النبي الأكرم صلىاللهعليهوآله اختارالمسلك الصحيح وأصدر أمراً بالتحرك باتجاه العدو ، ووصل الجيش الإسلامي إلى ناحية بدر (وبدر هو اسم لبئر في تلك المنطقة من الأرض نسبة إلى صاحبها الأصلي المسمى بهذا الاسم ، اطلق على جميع هذه الأرض بعد ذلك).
إنَّ الآية السابقة ناظرة إلى هذه الواقعة حيث تقول : إنّ الله وعدكم أن تكون احدى الطائفتين (جيش قريش أو قافلتهم التجارية) من نصيبكم ، إلّاأنّكم أحببتم الحصول على الطائفة غير المسلحة أي القافلة التجارية ، لكن الله يريد اظهار الحق والقضاء على الكافرين.
لذا خاطب النبي المسلمين في ذلك الموضع أنّ الله تعالى قد وعدنا أن تكون احدى الطائفتين لنا وسنتحرك باتجاه جيش الأعداء ، وسننتصر عليهم وأننا سنشاهد بأعيننا مصرع «أبي جهل» ومحل قتله ....
وتحقق هذا الوعد كما أراده الله ورسوله حيث اشتبك الجيشان مع بعضهما البعض ، وبعد حرب طاحنة وتضحيات جسيمة وردت تفاصيلها في مجمل التواريخ الإسلامية ، انتصر المسلمون وهزم مشركو مكة هزيمة مُرّة بحيث خلّفوا وراءهم سبعين قتيلاً ، وسبعين أسيراً ، ولاذ الباقون بالفرار.
وقعت هذه الحرب في اليوم السابع عشر لشهر رمضان المبارك في السنة الثانية للهجرة ، وتركت تاثيراً بالغاً جدّاً في مسيرة التاريخ الإسلامي ، بحيث إنّ مجاهدي بدر كانوا يعدونها دائماً من أمجادهم ومآثرهم العظيمة.
هنا يطرح هذا التساؤل وهو : هل كان من المتوقع وفقا للمقاييس الاعتيادية أن يتحقق مثل هذا النصر للمسلمين بشكل أو بآخر؟ والجواب عن ذلك ، كلا لأنّه :