المفسرين صرحوا بأنّه لايقتصر الأمر على عدم وجود التضاد في القرآن فحسب ، بل يتعداه إلى عدم وجود التفاوت والاختلاف في درجة فصاحته وبلاغته أيضاً ، ومن الصحيح القول بأنا نجد بعض الآيات القرآنية أبلغ من بعضها الآخر ، وعلى حد قول الشاعر : متى كانت «تبت يدا» بمنزلة «ياأرض ابلعي» ولكن هذا يتأتى عند اختلاف المقامات أي أنّ كل واحدة منها تعتبر من أفضل التعابير وانسبها في مقامها الخاص بها ، ومن هذه الجهة لا يوجد تفاوت واختلاف.
سؤال :
وهناك سؤال لابدّ من طرحه وهو : إذا لم يكن هناك تضاد واختلاف في القرآن الكريم فما هو السبب من وجود آيات ناسخة وآيات منسوخة؟
الجواب :
سبق وأن قلنا في بحث الناسخ والمنسوخ في القرآن : إنّ الآيات المنسوخة تشتمل على قرائن تدل على أنّ أمدها المضموني قصير وسينتهي في يوم من الأيّام ، بمعنى وجود دواعي النسخ في مضمونها ، وبناء على هذه النكتة فليست لا تضاد فيها فحسب ، بل ـ علاوة على ذلك ـ يوجد فيها نوع من التناسب والتوافق بينها.
وعلى سبيل المثال لو أردنا أن نعد برنامجاً دراسياً لمقاطع زمنية مختلفة حتى نساعد الأفراد الدارسين في دائرة التعليم والتربية على تخطي المراحل المختلفة ، والوصول بهم إلى المرحلة النهائية ، فإنّ التغيرات الطارئة على البرامج في فترات مختلفة لا تعد بعنوان تضاد وتناقض وذلك لوجود قرائن في متن هذه البرامج ، بل على العكس هناك نوع من التوافق والانسجام بينها.
وممّا قلناه آنفاً اتضح الجواب عن سؤال مشابه أيضاً يطرح في مورد آيات «العام والخاص» أو «المطلق والمقيد» ذلك أنّ الجمع بين العام والخاص عن طريق التخصيص ،