تأثيرها على بيئات واسعة وكانت نهايتها أن انفرط عقدها أو لازال البعض منها متصلاً ، ولكن كيفية هذا التأثير وماهيته يمكن اعتباره كقرينة حية إلى جانب القرائن الاخرى.
وعندما يكون هذا التأثير على شكل قفزة وفي جوانب إيجابية ومع أقل الاضرار ، فمن المسلَّم به أن يدلِّل على عمق تلك المدرسة وأصالتها.
ومن له أدنى اطلاع على تاريخ العرب والإسلام لا ينكر الفاصلة الزمنية التي مدّتها ٢٣ عاماً وهي سني دعوة الرسول صلىاللهعليهوآله ـ الفاصلة التي أحدثت (طفرة فلسفية) أكثر ممّا هي ثورة؟
فالمنبوذون الذين لم يتركوا في التاريخ اسماً ولا رسماً ... ومن وجهة نظر علم الاجتماع لم يخطّ على جباههم أي استعداد للتطور المذهل حتى لو بعد عدة قرون ، يتحولون فجأة ويدخلون مرحلة جديدة من الحضارة العظيمة ، ولم يغيّروا أنفسهم فقط ، بل غيروا أيضاً العالم المعاصر لهم ولتبقى آثار هذه الثورة والتغيير ظاهرة في القرون اللاحقة وإلى زمان غير محدود ...
حضارة حولت مسير تاريخ البشرية ، وغطت باشعاعها الحضارات الخمس العظمى في عصرها ، أي : (حضارة الروم) و (ايران) و (مصر) و (بابل) و (اليمن).
وهذا بالضبط مالم يستطع المؤرخون وعلماء الاجتماع تفسيره وفق المعايير المعروفة التي بين أيديهم ، وإن كانوا قد الّفوا كتباً بعنوان : تاريخ حضارة الإسلام ، أو مسميات اخرى ، ولكنهم يعترفون بأنّه لازالت عندهم نقاط كثيرة غامضة لم تجد الحل حول ظهور الإسلام ونفوذه في العالم.
والملفت هو أنّ هذه الثورة وهذا التحول ـ خلافاً لسائر الثورات ـ لم يحدث على صعيد واحد ، ولم تكن له جوانب سياسية أو اقتصادية فحسب ، بل وغيّر كل نُظُم المجتمع كالثقافة ، والأخلاق ، والاقتصاد ، والآداب ، والتقاليد ، وكل شيء.
ملخص الكلام : هو أنّ ابعاد تأثير الإسلام في محيط ظهوره ، ثم في العالم كله ، وكل التاريخ البشري ، هو موضوع يستحق الدقّة التي تجعله قرينة ساطعة من قرائن حقانيته ، وأن شرحه وبيانه يتطلب وضع كتاب منفصل.